للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحجة عقلية أخفى من الحجة العقلية على رحمة الله، حيث قالوا: إن تخصيص بعض المخلوقات بما تتميز به يدل عقلاً على الإرادة؛ ولا شك أن هذا صحيح؛ ولكنه بالنسبة لدلالة آثار الرحمة عليها أخفى بكثير؛ لأنه لا يتفطن له إلا أهل النباهة؛ وأما آثار الرحمة فيعرفه حتى العوام، فإنك لو سألت عامياً صباح ليلة المطر: "بِمَ مطرنا؟ "، لقال: "بفضل الله، ورحمته" ..

مسألة:

هل البسملة آية من الفاتحة؛ أو لا؟

في هذا خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة؛ ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله؛ وهذا القول هو الحق؛ ودليل هذا: النص، وسياق السورة ..

أما النص: فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: إذا قال: {الحمد لله رب العالمين} قال الله تعالى: حمدني عبدي؛ وإذا قال: {الرحمن الرحيم} قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي؛ وإذا قال: {مالك يوم الدين} قال الله تعالى: مجّدني عبدي؛ وإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين} قال الله تعالى: هذا بيني وبين عبدي نصفين؛ وإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم} ... إلخ، قال الله تعالى: هذا لعبدي؛ ولعبدي ما سأل" (١)؛ وهذا


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ص ٧٤٠، كتاب الصلاة، باب ١١: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، حديث رقم ٨٧٨ [٣٨] ٣٩٥.