للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة؛ فهنا الأفضل الفطر؛ والدليل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فرأى زحاماً، ورجلاً قد ظُلل عليه، فسأل عنه، فقالوا: صائم؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «ليس من البر الصيام في السفر» (١)؛ فنفى النبي صلى الله عليه وسلم البر عن الصوم في السفر.

فإن قيل: إن من المتقرر في أصول الفقه أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ وهذا يقتضي نفي البر عن الصوم في السفر مطلقاً؟.

فالجواب: أن معنى قولنا: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» يعني أن الحكم لا يختص بعين الذي ورد من أجله؛ وإنما يعم من كان مثل حاله؛ وقد نص على هذه القاعدة ابن دقيق العيد في شرح الحديث في العمدة؛ وهو واضح.

الحال الثالثة: أن يشق الصوم على المسافر مشقة شديدة؛ فهنا يتعين الفطر؛ ودليله: ما ثبت في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فشُكي إليه أن الناس قد شق عليهم الصيام وإنهم ينتظرون ما يفعل؛ فدعا بماء بعد العصر، فشربه، والناس ينظرون؛ ثم جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل له: إن بعض الناس قد صام فقال صلى الله عليه وسلم: «أولئك العصاة! أولئك العصاة!» (٢)؛


(١) أخرجه البخاري ص ١٥٢، كتاب الصوم، باب ٣٦: قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر: "ليس من البر الصيام في السفر، حديث رقم ١٩٤٦، أخرجه مسلم ٨٥٦ - ٨٥٧، كتاب الصيام، باب ١٥: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية ... ، حديث رقم ٢٦١٢ [٩٢] ١١١٥.
(٢) أخرجه مسلم ص ٨٥٦، كتاب الصيام، باب ١٥: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية، حديث رقم ٢٦١٠ [٩٠] ١١١٤؛ ٢٦١٠ [٩١] ١١١٤.