للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«استجاب» بمعنى أجاب، كما قال الله تعالى: {فاستجاب لهم ربهم} [آل عمران: ١٩٥] أي أجاب، وكما قال الله تعالى: {والذين استجابوا لربهم} [الشورى: ٣٨].

وقوله تعالى: {فليستجيبوا} عدَّاها باللام؛ لأنه ضمن معنى الانقياد - أي فلينقادوا لي؛ وإلا لكانت «أجاب» تتعدى بنفسها؛ نظيرها قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه: «فإن هم أجابوا لك بذلك» (١)؛ فضَمَّن الإجابة معنى الانقياد.

قوله تعالى: {وليؤمنوا بي} أي وليؤمنوا بأني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان؛ واللام في الفعلين: {فليستجيبوا}؛ و {ليؤمنوا} لام الأمر؛ ولهذا سكنت بعد حرف العطف.

قوله تعالى: {لعلهم يرشدون}؛ «لعل» للتعليل؛ وكلما جاءت «لعل» في كتاب الله فإنها للتعليل؛ إذ إن الترجي لا يكون إلا فيمن احتاج، ويؤمل كشف ما نزل به عن قرب؛ أما الرب عز وجل فإنه يستحيل في حقه هذا.

و «الرشد» يطلق على معانٍ؛ منها: حُسن التصرف، كما في قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء: ٦]؛ ولا شك أن من آمن بالله، واستجاب له فإنه أحسن الناس تصرفاً، ويوفّق، ويُهدى، وتُيسر له الأمور، كما قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} [الطلاق: ٤]، وقال تعالى: {فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى} [الليل: ٥ ــ ٧].


(١) سبق تخريجه ١/ ١٤٨.