أقره، ورتب عليه أحكاماً، وقوله تعالى:{في المساجد} بيان للواقع؛ لأن الاعتكاف المشروع لا يكون إلا في المساجد.
٢٨ ــ ومنها: أن الاعتكاف مشروع في كل مسجد؛ لعموم قوله تعالى:{في المساجد}؛ فلا يختص بالمساجد الثلاثة - كما قيل به -؛ وأما حديث حذيفة:«لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة»(١) - يعني المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى - فإن صح فالمراد به الاعتكاف الكامل.
٢٩ ــ ومنها: أن ظاهر الآية أن الاعتكاف يصح في كل مسجد - وإن لم يكن مسجد جماعة -؛ وهذا الظاهر غير مراد لوجهين:
الوجه الأول: أن «أل» في {المساجد} للعهد الذهني؛ فتكون دالة على أن المراد بـ {المساجد} المساجد المعهودة التي تقام فيها الجماعة.
الوجه الثاني: أنه لو جاز الاعتكاف في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة للزم من ذلك أحد أمرين: إما ترك صلاة الجماعة - وهي واجبة -؛ وإما كثرة الخروج إليها - وهذا ينافي الاعتكاف، أو كماله -.
٣٠ ــ ومن فوائد الآية: النهي عن مباشرة النساء حال الاعتكاف.
(١) أخرجه عبد الرزاق موقوفاً ٣/ ٣٤٨، حديث رقم ٨٠١٦؛ وأخرجه الطحاوي مرفوعاً في شرح مشكل الآثار ٧/ ٢٠١، وقال شعيب في تحقيق مشكل الآثار: ورواية من وقفه على حذيفة أصح وأقوى وأثبت (مشكل الآثار للطحاوي بتحقيق شعيب الأرناؤوط ٧/ ٢٠٣).