لما فيه من التعسير، ولما فيه من السفه ومخالفة الحكمة، فهو خلاف البر؛ ولهذا قال تعالى:{ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها}.
قوله تعالى:{ولكن البر من اتقى}؛ وفي قراءة:{ولكنِ البرُّ} بتخفيف النون في {لكنِ}؛ ورفع {البرُّ}؛ على أن تكون {لكن} مخففة من الثقيلة مهملة؛ و {البر} مبتدأ؛ أما على قراءة التشديد فهي عاملة؛ و {البر} اسمها؛ وقوله تعالى:{البر من اتقى}: {البر} اسم معنى؛ و {من اتقى} اسم جثة؛ كيف يخبر بالجثة عن اسم المعنى؟
فالجواب أنه يخرج على واحد من أوجه ثلاثة:
الوجه الأول: أن يكون المصدر هنا بمعنى اسم الفاعل؛ أي: ولكن البار.
الوجه الثاني: أن يكون المصدر على تقدير محذوف؛ أي: ولكن البر بر من اتقى.
الوجه الثالث: أن هذا على سبيل المبالغة أن يجعل {من اتقى} نفس البر، كما يصفون المصدر فيقولون: فلان عدل، ورضا.
وقوله تعالى:{من اتقى} أي اتقى الله عز وجل؛ لأن الاتقاء في مقام العبادة إنما يراد به اتقاء الله عز وجل؛ البر هو التقوى؛ هذا هو حقيقة البر؛ لا أن تتقي دخول البيت من بابه؛ ولهذا قال تعالى:{وأتوا البيوت من أبوابها} أي من جهة الباب فإن هذا هو الخير.
قوله تعالى:{واتقوا الله} أي اجعلوا لكم وقاية من عذابه بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.