للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضع الثاني: إذا حصر بلده العدو فإنه يتعين القتال من أجل فكّ الحصار عن البلد؛ ولأنه يشبه من حضر صف القتال.

الموضع الثالث: إذا احتيج إليه؛ إذا كان هذا الرجل يحتاج الناس إليه إمّا لرأيه، أو لقوته، أو لأيّ عمل يكون؛ فإنه يتعين عليه.

الموضع الرابع: إذا استنفر الإمام الناس وجب عليهم أن يخرجوا، ولا يتخلف أحد؛ لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ... } [التوبة: ٣٨] إلى قوله تعالى: {إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ... } [التوبة: ٣٩] الآية.

وما سوى هذه المواضع فهو فرض كفاية؛ واعلم أن الفرض سواء قلنا فرض عين، أو فرض كفاية لا يكون فرضاً إلا إذا كان هناك قدرة؛ أما مع عدم القدرة فلا فرض؛ لعموم الأدلة الدالة على أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولقوله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: ٩١]؛ فإذا كنا لا نستطيع أن نقاتل هؤلاء لم يجب علينا؛ وإلا لأثَّمْنا جميع الناس مع عدم القدرة؛ ولكنه مع ذلك يجب أن يكون عندنا العزم على أننا إذا قدرنا فسنقاتل؛ ولهذا قيدها الله عز وجل بقوله تعالى: {إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: ٩١]؛ ليس على هؤلاء الثلاثة حرج بشرط أن ينصحوا لله ورسوله؛ فأما مع عدم النصح لله ورسوله، فعليهم الحرج ــ حتى وإن وجدت الأعذار في حقهم ــ.