قوله تعالى:{فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} جواب الشرط؛ وفيها قراءتان؛ إحداهما البناء على الفتح في {رفثَ}، و {فسوقَ}؛ والثانية: التنوين فيهما؛ أما {جدالَ} فإنها بالبناء على الفتح على القراءتين.
قوله تعالى:{فلا رفث} نفي بمعنى النهي؛ و «الرفث» الجماع، ومقدماته.
قوله تعالى:{ولا فسوق} أي لا خروج عن طاعة الله بمعاصيه لا سيما ما يختص بالنسك، كمحظورات الإحرام.
قوله تعالى:{ولا جدال في الحج} يشمل الجدال فيه، وفي أحكامه، والمنازعات بين الناس في معاملاتهم؛ مثال الجدال فيه: أن يقال: «ما هو الحج؟»، فيحصل النزاع؛ أو «متى فُرض؟»، فيحصل النزاع فيه؛ ومثاله في أحكامه: النزاع في أركانه، وواجباته، ومحظوراته؛ ومثال النزاع بين الناس في معاملاتهم: أن يتنازع اثنان في العقود، فيقول أحدهما:«بعتك»، والثاني يقول:«لم تبعني»؛ أو يقول:«بعتك بكذا»، ويقول الثاني:«بل بكذا»؛ أو يتنازع اثنان عند أنابيب الماء في الشرب، أو الاستسقاء، أو عند الخباز.
قوله تعالى:{وما تفعلوا من خير يعلمه الله}: لما نهى عن هذه الشرور انتقل إلى الأمر بالخير؛ وهذه الجملة شرطية:{ما} أداة الشرط؛ وفعل الشرط:{تفعلوا}؛ وجواب الشرط:{يعلمه الله}؛ ولهذا جزمت؛ و {مِن} بيانية تبين المبهم من اللفظ؛ لأن {ما} شرطية مبهمة كالموصول؛ و {خير} نكرة في سياق الشرط، فيشمل كل خير سواء كان قليلاً، أو كثيراً.