للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقوله تعالى: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}؛ ولا يشكل على قولنا هذا ما ورد في قصة أبي بردة بن نيار أنه ذبح في عيد الأضحى أضحية قبل الصلاة؛ ولما خطب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «إن من ذبح قبل الصلاة فلا نسك له، وأن شاته شاة لحم» قام أبو بردة فقال: «يا رسول الله، إن عندي عناقاً هي أحب إلي من شاتين أفتجزي عني؟ قال: نعم؛ ولن تجزئ عن أحد بعدك» (١)؛ لأن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «لن تجزئ عن أحد بعدك» أي بعد حالك؛ بمعنى: أن من جرى له مثله فإنها تجزي عنه؛ هكذا قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - وهو ظاهر -؛ وكذلك لا يشكل على هذا قصة سالم مولى أبي حذيفة الذي كان قد تبناه؛ فلما أبطل الله التبني جاءت زوجة أبي حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه في سالم أنه كان يدخل عليها؛ يعني: وكأنه أحد أبنائها؛ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أرضعيه تحرمي عليه» (٢)؛ فإنه ليس خاصاً به؛ بل لو جرى لأحد مثل ما جرى لسالم لحكمنا له بمثل ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم لسالم؛ لكن هذا لا يمكن بعد نسخ التبني؛ إذ لا يمكن أحداً أن يتبنى؛ وعلى هذا فالصورة التي تلحق بقصة سالم ممتنعة.

٤ ــ ومنها: أنه يشرع أن يستغفر الله عزّ وجلّ في آخر العبادات؛ لقوله تعالى: {واستغفروا الله}.


(١) أخرجه البخاري ص ٧٥، كتاب العيدين، باب ٥: الأكل يوم النحر، حديث رقم ٩٥٥، وأخرجه مسلم ص ١٠٢٧ - ١٠٢٨، كتاب الأضاحي، باب ١: وقتها، حديث رقم ٥٠٧٠ [٥] ١٩٦١.
(٢) أخرجه مسلم ص ٩٢٣، كتاب الرضاع، باب ٧: رضاعة الكبير، حديث رقم ٣٦٠٢ [٢٨] ١٤٥٣، وأصله في البخاري.