للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منافق؛ فقال تعالى في المنافق: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا}؛ {من} هنا للتبعيض؛ وهي بمعنى بعض الناس؛ ولهذا أعربها بعض النحويين على أنها مبتدأ؛ قال: لأنها حرف بمعنى الاسم؛ إذ إنها بمعنى بعض الناس؛ فيكون {من} مبتدأ، و {من يعجبك} خبره؛ لكن المشهور أن {مِنْ} حرف جر؛ و {من الناس} جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم؛ و {من يعجبك} مبتدأ مؤخر؛ يعني: ومن الناس الذي يعجبك قوله، والخطاب في قوله تعالى: {يعجبك} إما للرسول صلى الله عليه وسلم؛ وإما لكل من يتأتى خطابه؛ والأولى الثاني.

وقوله تعالى: {من يعجبك قوله} ذكر بعض النحويين أنه إذا قيل: «أعجبني كذا» فهو لما يستحسن؛ وإذا قلت: «عجبت من كذا» فهو لما ينكر؛ فتقول مثلاً: «أعجبني قول فلان» إذا كان قولاً حسناً؛ و «عجبت من قوله» إذا كان قولاً سيئاً منكراً؛ فقوله تعالى: {من يعجبك قوله} أي من تستحسن قوله.

قوله تعالى: {في الحياة الدنيا} أي إذا تكلم فيما يتعلق بأمور الدنيا كأن يتكلم بشيء، ويتوصل به إلى نجاته من القتل، والسبي؛ لأن هذه الآية في المنافقين؛ ودليل ذلك قوله تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم} [المنافقون: ٤] من حسنه، وفصاحته؛ ولكنهم أهل غرور، وخداع، وكذب؛ فإن آية المنافق ثلاث؛ منها: إذا حدث كذب.

وقوله تعالى: {في الحياة الدنيا} متعلق بمحذوف حالاً من {قوله}؛ والتقدير: قوله حال كونه فيما يتعلق بالدنيا؛ لأنه لا يتكلم في أمور الدين؛ ويحتمل أن المعنى: القول الذي يعجب حتى في