للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: وتأتيهم الملائكة أيضاً محيطة بهم، كما قال الله تعالى: {كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً * وجاء ربك والملك صفاً صفاً} [الفجر: ٢١، ٢٢]؛ وفي حديث الصور الطويل الذي ساقه ابن جرير، وغيره (١) أن السماء تشقق؛ فتشقق السماء الدنيا بالغمام، وتنزل الملائكة، فيحيطون بأهل الأرض، ثم السماء الثانية، والثالثة، والرابعة ... ؛

كل من وراء الآخر؛ ولهذا قال تعالى: {صفاً صفاً} [الفجر: ٢٢] يعني صفاً بعد صف؛ ثم يأتي الرب عزّ وجلّ للقضاء بين عباده؛ ذلك الإتيان الذي يليق بعظمته وجلاله؛ ولا أحد يحيط علماً بكيفيته؛ لقوله تعالى: {ولا يحيطون به علماً} [طه: ١١٠]؛ وقد تقدم الكلام على الملائكة عند قوله تعالى: {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} [البقرة: ١٧٧]؛ وبيَّنا أن الملائكة عالم غيبي مخلوقون من نور


(١) راجع تفسير الطبري ٢٤/ ٤١٨ - ٤٢٠، تفرد به إسماعيل بن رافع، وقد اختلف فيه (ذكره ابن كثير في تفسيره سورة الأنعام ٢/ ٢٣٩)؛ قال الحافظ في التقريب: "ضعيف الحفظ"؛ وقال الدارقطني وغيره: "متروك الحديث" (ميزان الاعتدال ١/ ٢٢٧)؛ وقال الذهبي: "ومن تلبيس الترمذي قال: ضعفه بعض أهل العلم، قال: وسمعت محمداً - يعني البخاري - يقول: هو ثقة مقارب الحديث" (المرجع السابق)؛ وقال البخاري في التاريخ الكبير: "محمد بن يزيد بن أبي زياد روى عنه إسماعيل بن رافع حديث الصور مرسل، ولم يصح" ١/ ٢٦٠، رقم ٨٢٩)؛ وقال ابن كثير في تفسيره (٢/ ٢٣٤، تفسير سورة الأنعام آية رقم ٧٣): "وروينا حديث الصور بطوله من طريق الحافظ أبي القاسم الطبراني في كتابه المطولات ... "؛ وقال أيضاً (٢/ ٢٣٩): "وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة قد أفردتها في جزء على حدة، وأما سياقه فغريب جداً، ويقال: إنه جمعه من أحاديث كثيرة، وجعلها سياقاً واحداً، فأنكر عليه بسبب ذلك".