للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعدم الحاجة إليها؛ و {كم} استفهامية علقت الفعل {سل} عن العمل؛ فصارت هي، وجملتها في محل نصب؛ وأصله سل فلاناً عن كذا، وكذا؛ فعلقت الفعل عن المفعول الثاني؛ و {كم} تحتاج إلى مميِّز؛ لأن {كم} اسم مبهم تدل على عدد؛ والمعدود: قوله تعالى: {من آية بينة}؛ و {آتينا} أي أعطينا؛ وهي تنصب مفعولين؛ المفعول الأول: الهاء؛ والمفعول الثاني: محذوف؛ والتقدير: كم من آية بينة آتيناهموها؛ وعاد الضمير المحذوف إلى متأخر لفظاً؛ لأنه متقدم رتبة؛ إذ {من آية} كان حقها أن تكون بعد {كم}؛ وجملة: {ومن يبدل ... } شرطية؛ و {مَن} اسم شرط جازم؛ ولهذا جزمت الفعل؛ وجوابه مفهوم من قوله تعالى: {فإن الله شديد العقاب}؛ فالجملة هنا دالة على الجواب، وليست هي الجواب؛ لأن شدة عقاب الله ثابتة سواء بدلوا، أم لم يبدلوا.

قوله تعالى: {سل بني إسرائيل}؛ الخطاب هل هو للرسول وحده؛ أو لكل من يتأتى خطابه؟ مثل هذه الخطابات تارة يقوم الدليل على أنها خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، فتكون خاصة به؛ وتارة يقوم الدليل على أنها عامة له، ولغيره، فتكون عامة؛ وتارة لا يقوم الدليل على هذا، ولا على هذا؛ فالظاهر أنها عامة؛ لأن القرآن نزل للأمة إلى يوم القيامة؛ فمن أمثلة ما قام الدليل على أنها للرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك} [الشرح: ١ - ٤]؛ ومثال الذي قام الدليل على أنها عامة قوله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: ١]؛ فقال تعالى: {يا أيها النبي}؛ ولكن أمر بحكم عام، فقال تعالى: {إذا طلقتم النساء فطلقوهن}؛ وأما المحتمل فهو كثير في القرآن؛ ومنه هذه الآية.