لهم أعمالهم} [النمل: ٤]؛ وإما أن يكون الشيطان؛ لقوله تعالى:{وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل}[النمل: ٢٤]؛ ولا منافاة بين الأمرين؛ فإن الله زين لهم سوء أعمالهم؛ لأنهم أساءوا، كما يفيده قوله تعالى:{فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم}[الصف: ٥]؛ والتزيين من الله باعتبار التقدير؛ أما الذي باشر التزيين، ووسوس لهم بذلك فهو الشيطان.
قوله تعالى:{للذين كفروا}، وفي آية أخرى:{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة ... }[آل عمران: ١٤] إلخ؛ فإما أن نحمل «الناس» على {الذين كفروا}، ونقول: هو عام أريد به الخاص؛ أو نقول: إن ذكر بعض ألفاظ العام لا يقتضي التخصيص؛ فيكون {زين للناس} عموماً؛ وهنا ذكر الله تعالى تزيينه لبعض أفراد هذا الجنس وهم «الذين كفروا».
قوله تعالى:{الحياة الدنيا} يعني ما فيها من الشهوات، والملذات؛ وقد بين الله ذلك بقوله تعالى:{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب}[آل عمران: ١٤]؛ و {الدنيا} فُعلى - يعني أنه اسم تفضيل مؤنث مأخوذة من الدنو الذي هو ضد العلو -؛ ووصفت هذه الحياة بالدنيا لوجهين: الأول: دنوّ مرتبتها؛ الثاني: سبقها على الآخرة؛ فهي أدنى منها لقربها، ودنوّ منزلتها؛ أما قربها وهو سبقها على الآخرة فظاهر معلوم لكل أحد؛ وأما دنوّ مرتبتها فلقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما