للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفت الأهواء، فاختلفوا؛ فحينئذ صاروا بحاجة إلى بعث الرسل؛ فبعث الله الرسل مبشرين، ومنذرين .. إلخ.

قوله تعالى: {فبعث الله النبيين}: الفاء هنا عاطفة؛ والمعطوف عليه محذوف معلوم من السياق اللاحق، كقوله تعالى: {وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا} [يونس: ١٩]؛ وعلى كل حال لا بد أن يكون المعنى أنهم اختلفوا؛ فبُعث الرسل؛ ونظير هذا من المحذوف الذي يعينه السياق قوله تعالى: {ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة} [البقرة: ١٨٥]: فالمريض والمسافر ليس عليهما العدة لو صاما؛ إذاً لا بد أن نقدر: فأفطر فعليه عدة؛ و «بعث» بمعنى أرسل، كقوله تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات} [الحديد: ٢٥]؛ والمراد بـ {النبيين} هنا الرسل؛ لقوله تعالى: {مبشرين ومنذرين}.

وقوله تعالى: {مبشرين ومنذرين}: هذان حالان؛ لأن الرسل يأتون بالبشارة والنذارة في آن واحد؛ يعني: ليس بعض الرسل مبشراً، والآخر منذراً؛ بل كل واحد جامع بين التبشير، والإنذار؛ أي مبشرين بثواب الله عزّ وجلّ لمن استحقه؛ ومنذرين بعقاب الله من خالف أمره؛ قال الله - تبارك وتعالى -: {لينذر بأساً شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً} [الكهف: ٢]؛ فهنا بينت الآية المبشَّر، والمبشَّر به؛ فالمبشَّر: المؤمنون الذين يعملون الصالحات؛ والمبشَّر به: أن لهم أجراً حسناً ماكثين فيه أبداً؛ {وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً * ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً} [الكهف: ٤، ٥]؛ فالمنذَر: هم الكفار؛ والمنذر به: العذاب.