للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دائماً مطلقاً - وهي آية المائدة التي نزلت في السنة الثامنة من الهجرة -؛ وهي قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ... } [المائدة: ٩٠] الآيات.

وقوله تعالى: {والميسر} المراد به القمار؛ وهو كل كسب عن طريق المخاطرة، والمغالبة؛ وضابطه: أن يكون فيه بين غانم، وغارم.

قوله تعالى: {قل} أي لمن سأل عن الخمر، والميسر؛ {فيهما} خبر مقدم؛ والضمير عائد على الخمر، والميسر؛ {إثم} أي عقوبة؛ أو كان سبباً للعقوبة، كما قال تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} ويقال: «فلان آثم» أي مستحق للعقوبة.

وفي قوله تعالى: {كبير} قراءة: {كثير}؛ والفرق بينهما أن الكبر تعود إلى الكيفية؛ والكثرة تعود إلى الكمية؛ والمعنى أن فيهما إثماً كثيراً بحسب ما يتعامل بهما الإنسان؛ والإنسان المبتلى بذلك لا يكاد يقلع عنه؛ وهذا يستلزم تعدد الفعل منه؛ وتعدد الفعل يستلزم كثرة الإثم؛ أيضاً الإثم فيهما كبير - أي عظيم -؛ لأنهما يتضمنان مفاسد كثيرة في العقل، والبدن، والاجتماع، والسلوك؛ وقد ذكر محمد رشيد رضا - رحمه الله - في هذا المكان أضراراً كثيرة جداً؛ من قرأ هذه الأضرار عرف كيف عبر الله عن ذلك بقوله تعالى: {إثم كبير}، أو {إثم كثير}؛ وهاتان القراءتان لا تتنافيان؛ لأنهما جمعتا وصفين مختلفين جهة؛ فيكون الإثم كثيراً باعتبار آحاده؛ كبيراً باعتبار كيفيته.