للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والميسر إتلاف المال بدون فائدة؛ وفي الإنفاق بذل المال بفائدة؛ ثم قال تعالى: {ويسألونك عن اليتامى}؛ ووجه ارتباط السؤال الثالث بالسؤالين قبله أن الله عزّ وجلّ لما أنزل قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً} [النساء: ١٠]، وقولَه تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} [الأنعام: ١٥٢] أشكل على الصحابة رضي الله عنهم، فصاروا يجعلون طعامهم على حدة، وطعام اليتامى على حدة؛ ثم ما جعلوه لليتامى إما أن يفسد، ولا يصلح للأكل؛ وإما أن يصلح للأكل، ولكن ليس على الوجه الأكمل؛ فتحرجوا من ذلك، وأشكل عليهم فيما لو خلطوا طعامهم بطعام اليتامى؛ فأجابهم الله عزّ وجلّ بجواب في غاية ما يكون من البلاغة، والاختصار، والوضوح؛ فقال تعالى: {قل إصلاح لهم خير}.

وقوله تعالى: {اليتامى} جمع يتيم؛ وهو الذي مات أبوه ولم يبلغ؛ مشتق من اليتم - وهو الانفراد؛ واليتيم بما أن أباه قد توفي يحتاج إلى عناية، ورعاية أكثر؛ ولهذا جاء في القرآن الكريم الوصاية به كثيراً.

قوله تعالى: {قل إصلاح لهم خير}؛ وكلمة: {إصلاح} تعني أن الإنسان يتبع ما هو أصلح لهم في جميع الشؤون سواء كان ذلك في التربية، أو في المال؛ وسواء كان ذلك بالإيجاب، أو السلب؛ فأيّ شيء يكون إصلاحاً لهم فهو خير؛ وحذف المفضل عليه للعموم، كقوله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير} [النساء: ١٢٨]؛ هذه الجملة في شمولها، وعمومها، ووضوحها كالجملة الأولى.