ولأن الله سبحانه وتعالى قال:{فطلقوهن لعدتهن}؛ والفقهاء الذين خالفوا في ذلك يقولون: إنه إذا كرر الطلاق في المرة الثانية لا تستأنف العدة؛ فإذاً هي مطلقة لغير عدة فلا يقع الطلاق؛ لأنه سيكون على خلاف ما أمر الله به؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(١)؛ وقد قال شيخنا عن اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية:«إن من تأمله تبين له أنه لا يسوغ القول بخلافه»؛ لأنك إذا تأملت كلامه في أنه لا يقع طلاق على طلاق، وأنه لا يتكرر إلا على زوجة غير مطلقة فلا يمكن أن يتكرر الطلاق إلا إذا راجعها، أو عقد عليها عقداً جديداً؛ وهذا القول هو الراجح؛ وهو الذي أفتي به؛ وهو أنه لا طلاق على طلاق حتى لو قال ألف مرة: أنت طالق؛ فليس إلا مرة واحدة فقط؛ ويدل على هذا قوله تعالى:{الطلاق مرتان} أي مرة بعد مرة؛ فلا بد أن يقع على زوجة غير مطلقة.
٤ - ومن فوائد الآية: أن الواجب على المرء الذي طلق زوجته أحد أمرين؛ إما إمساك بمعروف؛ أو تسريح بإحسان؛ وأما أن يردها مع الإيذاء، والمنة، والتقصير، أو يسرحها بجفوة وعدم إحسان فلا يجوز.
٥ - ومنها: بيان حكمة الله في تشريعه سبحانه وتعالى؛ إذ قال تعالى في الإمساك:{بمعروف}؛ لأنه إذا ردها جبر قلبها بالرد؛ وقال تعالى في التسريح:{بإحسان}؛ لأنه سيفارقها، فيحتاج إلى زيادة في معاملتها بالتي هي أحسن حتى ينضم إلى الفراق الإحسانُ - والله أعلم -.