بحمد الله نبتدئ ونختم، وبتأييده إلى كل مراد نتقدم؛ وبالصلاة على رسوله المصطفى نتبرك، وبالسلام عليه نرجو أن يسهل علينا المسك.
فالحمد لله على ما أولانا من النعم، وذكرنا به منها ونحن في العدم، ثم والاها على الدوام، وحملنا فيها على أتم الإكرام، حمداً يوجب لنا به بلوغ الرضى، وصلاح الآخرة والأولى؛ وصلى الله على نبيه محمد المصطفى صلاة موصولة بالوصول، مقرونة بالقبول، مقتضية للبركات، قاضية بأفضل السعادات، وعلى آله وسلم عليه وعليهم تسليماً دائم الأمد، وافر العدد، ما أشرق الضياء، ودامت الأرض والسماء.
أما بعد فإن بعض من التزم واجب شكره على جميل بره، لما وصلت إلى بغداد، وحصلت من إفادته على أفضل مستفاد، نبهنى على أن أجمع ما يحضرنى من أسماء رواة الحديث بالأندلس، وأهل الفقه والأدب، وذوى النباهة والشعر، ومن له ذكر منهم، أو ممن دخل إليهم، أو خرج عنهم في معنى من معانى العلم والفضل، أو الرياسة والحرب.
فأعلمته ببعدى عن مكان هذا المطلوب، وقلة ما صحبنى من الغرض المرغوب، وأنى إن رمته على قلة ما عندى، وتعاطيته على انقطاع موادى وبعدى، لم أخل من أحد وجهين: إما أن أبخس القوم حظهم