عبد الرحمن الناصر، مع طائفة من أراذل العوام، فقتل عبد الرحمن بن هشام، وذلك لثلاث بقين من ذي القعدة سنة أربع عشرة المؤرخ ولا عقب له.
وكان في غاية الأدب والبلاغة والفهم ورقة النفس. كذا قال أبو محمد على بن أحمد وكان خبيراً به.
وقال الوزير أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن شهيد: كان المستظهر رحمه الله شاعراً مطبوعاً، ويستعمل الصناعة، فيجيد وهو القائل في ابنة عمه:
حمامة بيت العبشميين رفرفت ... فطرت إليها من سراتهم صقرا
تقل الثريا أن تكون لها يداً ... ويرجو الصباح أن يكون لها نحرا
وإنى لطعان إذا الخيل أقبلت ... جوانبها حتى ترى جونها شقرا
ومكرم ضيفي حين ينزل ساحتي ... وجاعل وفرى عند سائله وقرا
وهي طويلة قالها أيام خطبته لابنة عمه أم الحكم بنت المستعين. قال أبو عامر: وكان يتهم في أشعاره ورسائله، حتى كتب أمان يعلى بن أبي زيد حين وفد عليه ارتجالاً، فعجب أهل التمييز منه، وأما أنا فقد كنت بلوته؛ وكان ورود يعلى فجأة ولم يبرح من مجلسه حتى ارتجل الأمان، وأنا والله أخاف أن يزل فأجاد وزاد. هذا آخر كلام أبي عامر.
[ولاية محمد بن عبد الرحمن المستكفى]
وولى محمد بن عبد الرحمن المذكور، وله ثمان وأربعون سنة وأشهر، لأن مولده في سنة ست وستين وثلاث مائة، وكنيته أبو عبد الرحمن، وأمه وأم ولد اسمها حوراء، وكان أبوه قد قتله محمد بن أبي عامر في أول دولة هشام المؤيد لسعيه في القيام، وطلبه