وقال أبو أحمد عبد الله بن عدي: محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد الأندلسي عن الأوزاعي، منكر الحديث. قال ابن عدي: سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري. قال ابن عدي ومحمد بن إسحاق هذا الذي ذكره عن البخاري ليس له عن الأوزاعي إلا الشيء اليسير، وهو رجل مجهول لا يعرف. هذا آخر كلام ابن عدي. وهو عندي الذي روى عن ابن أبي عبلة والله أعلم.
محمد بن إسحاق بن السليم أبو بكر، قاضي الجماعة بقرطبة، ويقال في اسم جده سليم بغير التعريف، وكان من العدول المرضيين، والفقهاء المشهورين، وله عند أهل بلاده جلالة مذكورة، ومنزلة في العلم والفضل معروفة؛ وكان مع هيبته ورياسته حسن العشرة والأنس، كريم النفس، سمع قاسم بن أصبغ بن يوسف بن ناصح البياني، وأحمد بن خالد بن يزيد وغيرهما روى عنه غير واحد. مات في رجب سنة سبع وستين وثلاث مائة.
أخبرني الفقيه أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني الفقيه القاضي أبو الوليد يونس ابن عبد الله بن مغيث المعروف بابن الصفار، أن رجلاً من أهل المشرق يعرف بالشيباني دخل الأندلس فسكن قرطبة على شاطىء الوادي بالعيون، فخرج قاضي الجماعة ابن السليم يوماً لحاجة فأصابه مطر اضطره إلى أن دخل بدابته في دهليز الشيباني فوافقه فيه، فرحب بالقاضي وسأله النزول فنزل، وأدخله إلى منزله، وتفاوضا في الحديث فقال له: أصلح الله القاضي! عندي جارية مدينية لم يسمع بأطيب من صوتها، فإن أذنت أسمعتك عشراً من كتاب الله عز وجل، وأبياتاً، فقال له: افعل، فأمر الجارية فقرأت ثم أنشدت، فاستحسن ذلك القاضي، وعجب منه، وكان علي كمه دنانير فأخرجها، وجعلها تحت الفرش الذي جلس عليه، ولم يعلم بذلك صاحب المنزل، فلما ارتفع المطر ركب القاضي وودعه الشيباني، فدعا القاضي له ولجاريته، وقال له: قد تركت هنالك شيئاً فهو للجارية