كذلك مدة؛ ثم إن الأمير عبد الله وجد فقده لغنائه وأمانته ونصيحته، وفضل رأيه، فقال للوزراء: لقد وجدت لفقد سليمان تأثيراً، وإن أردت استرجاعه ابتداء منا كان ذلك غضاضة علينا، ولوددت أن يبتدئنا بالرغبة؛ فقال له الوزير محمد بن الوليد ابن غايم: إن أذنت لي في المصير إليه استتهضته إلى هذا، فأذن له فنهض ابن غانم إلى دار ابن وانسوس، فاستأذن، وكانت رتبة الوزارة بالأندلس أيام بني أمية: ألا يقوم الوزير إلا لوزير مثله، فإنه كان يتلقاه وينزله معه على مرتبته، ولا يحجبه أولاً لحظة، فأبطأ الإذن على ابن غانم حيناً، ثم أذن له فدخل عليه فوجده قاعداً، فلم يتزحزح له، ولا قام إليه، فقال له ابن غانم: ما هذا الكبر؟ عهدي بك وأنت وزير السلطان، وفي أبهة رضاه تتلقاني على قدم، وتتزحزح لي عن صدر مجلسك، وأنت الآن في موجدته بضد ذلك، فقال له: نعم! لأني كنت حينئذ عبداً مثلك، وأنا اليوم حر. قالا: فبئس ابن غانم منه، وخرج ولم يكلمه، ورجع إلى الأمير فأخبره وابتدأ الأمير بالإرسال إليه ورده إلى أفضل ما كان عليه.
سليمان بن هارون الرعيني أبو أيوب، محدث طليطلى مات بالأندلس سنة سبع وتسعين ومائتين.
[من اسمه سعد]
سعد بن سعيد بن كثير يكنى أبا عثمان وشقى في منسوب وشقة من ثغور الأندلس، محدث، سمع من محمد بن يوسف بن مطروح وطبقته، ومات بالأندلس في صفر سنة ست وثلاثة مائة.
سعد بن معاذ بن عثمان بن عثمان بن حسان بن مخامر الشعباني أبو عثمان، محدث مشهور، له رحلة سمع فيها من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ونظرائه، وعاد إلى الأندلس فمات بها سنة ثمان وثلاث مائة.