منهم أحد تسمى بإمرة المؤمنين، وإنما كان يسلم عليهم، ويخطب لهم بالإمارة فقط؛ وجرى على ذلك عبد الرحمن بن محمد إلى آخر السنة السابعة عشر من ولايته، فلما بلغه ضعف الخلافة بالعراق في أيام المقتدر، وظهور الشيعة بالقيروان، تسمى عبد الرحمن بأمير المؤمنين، وتلقب بالناصر لدين الله، وكان يكنى أبا المطرف، وأمه أم ولد اسمها مزنة، ولم يزل منذ ولى يستنزل المتغلبين حتى استكمل إنزال جميعهم في خمس وعشرين سنة من ولايته، وصار جميع أقطار الأندلس في طاعته، ثم اتصلت ولايته إلى أن مات في صدر رمضان سنة خمسين وثلاث مائة، ولم يبلغ أحد من بني أمية من الولاية مدته فيها.
[ولاية الحكم المستنصر]
ثم ولى بعده ابنه الحكم بن عبد الرحمن، ويلقب بالمستنصر بالله، وله إذ ولى سبع وأربعون سنة، يكنى أبا العاص؛ أمه أم ولد اسمها مرجان، وكان حسن السيرة، جامعاً للعلوم، محباً لها، مكرما لأهلها، وجمع من الكتب في أنواعها ما لم يجمعه أحد من الملوك قبله هنالك؛ وذلك بإرساله عنها إلى الأقطار، واشترائه لها بأغلى الأثمان، ونفق ذلك عليه فحمل إليه، وكان قد رام قطع الخمر من الاندلس وأمر بإراقتها وتشدد في ذلك، وشاور في استئصال شجرة العنب من جميع أعماله، فقيل له إنهم يعملونها من التين وغيره، فتوقف عن ذلك. وفي أمره بإراقة الخمور في سائر الجهات يقول أبو عمر يوسف بن هارون الكندي قصيدته المشهورة فيها، متوجعاً لشاربها، وإنما أوردناها تحقيقاً لما ذكرنا عنه من ذلك، وهي قوله: