أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم مولى هشام بن عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، أبو عمر من أهل العلم والأدب والشعر، وله الكتاب الكبير المسمى كتاب العقد في الأخبار، وهو مقسم على معاني، وقد سمى كل قسم منها باسم من أسماء نظم العقد؛ كالواسطة ونحوها؛ وشعره كثير مجموع، رأيت منه نيفاً وعشرين جزءاً، من جملة ما جمع للحكم بن عبد الرحمن الناصر، وفي بعضها بخطه؛ توفي أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، لاثنتى عشر ليلة بقيت من جمادى الأولى، ومولده سنة ست وأربعين ومائتين، لعشر خلون من شهر رمضان، فاستوفى إحدى وثمانين سنة وثمانية أشهر، وثمانية أيام؛ ومدح الأمير محمد، والمنذر، وعبد الله، وعبد الرحمن الناصر، هذا آخر ما رأيت بخط الحكم المستنصر، وخطه حجة عند أهل العلم عندنا؛ لأنه كان عالماً ثبتاً؛ وكان لأبي عمر بالعلم جلالة، وبالأدب رياسة، وشهرة، مع ديانته، وصيانته؛ واتفقت له أيام وولايات للعلم فيها نفاق؛ فساد بعد خمول، وأثرى بعد فقر، وأشير بالتفضيل إليه، إلا أنه غلب الشعر عليه.
ومما أنشدنى من شعره علي بن أحمد، وأخبرني أن بعض من كان يألفه أزمع على الرحيل في غداة ذكرها، فأتت السماء في تلك الغداة بمطر جود حال بينه وبين الرحيل، فكتب إليه أبو عمر: