يا برده من حيا مزن على كبد ... نيرانها بغليل الشوق تستعر
آليت أن لا أرى شمساً ولا قمراً ... حتى أراك فأنت الشمس والقمر
من شعره السائر:
الجسم في بلد والروح في بلد ... يا وحشة الروح بل يا غربة الجسد
إن تبك عيناك لي يا من كلفت به ... من رحمة فهما سهماك في كبدي
وأخبرني أيضا أبو محمد، قال: أخبرني بعض الشيوخ، أن أبا عمر أحمد بن محمد ابن عبد ربه وقف تحت روشن لبعض الرؤساء، وقد سمع غناء حسناً، فرش بماء ولم يعرف من هو، فمال إلى مسجد قريب من المكان، واستدعى بعض ألواح الصبيان فكتب:
يا من يضن بصوت الطائر الغرد ... ما كنت أحسب هذا البخل في أحد
لو أن أسماع أهل الأرض قاطبة ... أصغت إلى الصوت لم ينقص ولم يزد
فلا تضن على سمعى تقلده ... صوتاً يجول مجال الروح في الجسد
لو كان زرياب حياً ثم أسمعه ... لذاب من حسد أو مات من كمد
أما النبيذ فإنى لست أشربه ... ولست آتيك إلا كسرتى بيدى
وزرياب عندهم كان يجرى مجرى الموصلي في الغناء، وله طرائق أخذت عنه، وأصوات استفيدت منه، وألفت الكتب بها، وعلا عند الملوك هنالك بصناعته وإحسانه فيها علواً مفرطاً، وشهر شهرة ضرب بها المثل في ذلك.
ولأحمد بن محمد بن عبد ربه أشعار كثيرة جداً سماها الممحصات، وذلك أنه نقص كل قطعة قالها في الصبا والغزل، بقطعة في المواعظ والزهد، محصهابها، كالتوبة منها، والندم عليها؛ ومن ذلك قطعة محص بها القطعة المذكورة أولاً، وهي:
يا عاجزاً ليس يعفو حين يقتدر ... ولا يقضي له من عيشة وطر