بقى به مخلد أبو عبد الرحمن من حفاظ المحدثين، وأئمة الدين، والزهاد الصالحين، رحل إلى المشرق فروى عن الأئمة وأعلام السنة؛ منهم الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وأحمد بن إبراهيم الدورقى، وجماعة أعلام يزيدون على المائتين، وكتب المصنفات الكبار، والمنثور الكثير، وبالغ في الجمع والرواية، ورجع إلى الأندلس فملأها علما جماً، وألف كتباً حساناً تدل على احتفاله واستكثاره.
قال لنا أبو محمد على بن أحمد: فمن مصنفات أبي عبد الرحمن بقى بن مخلد: كتابه في تفسير القرآن، فهو الكتاب الذي أقطع قطعاً لا أستثنى فيه أنه لم يؤلف في الإسلام مثله، ولا تفسير محمد بن جرير الطبرى، ولا غيره؛ ومنها في الحديث مصنفة الكبير الذي رتبه على أسماء الصحابة رضي الله عنهم، فروى فيه عن ألف وثلاث مائة صاحب، ونيف، ثم رتب حديث كل صاحب على أسماء الفقه وأبواب الأحكام، فهو مصنف ومسند، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله، مع ثقته، وضبطه، وإتقانه، واحتفاله فيه في الحديث، وجودة شيوخه، فإنه روى عن مائتى رجل وأربعة وثمانين رجلاً ليس فيهم عشرة ضعفاء، وسائرهم أعلام مشاهر.
ومنها مصنفه في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم الذي أربى فيه على مصنف أبي بكر بن أبي شيبة، ومصنف عبد الرازق بن همام، ومصنف سعيد