استنباط الأحكام من كتاب الله "، وكتاب الإبانة عن حقائق أصول الديانة، وقد كانت له رحلة كتب فيها، وطلب، وسمع من ابن ولاد بمصر كتاب العين للخليل بن أحمد، ومن أبي بكر بن المنذر كتاب الإشراف، ولقي أبا جعفر أحمد بن محمد بن النحاس النحوي، بمصر، وله معه حكاية مشهورة؛ وذلك أنه حضر مجلسه في الإملاء، فأملى أبو جعفر في جملة ما أملى قول الشاعر:
خليلي هل بالشام عين حزينة ... تبكي على ليلى لعل أعينها
قد أسلمها الباكون إلا حمامة ... مطوقة باتت وبات قرينها
تجاذبها أخرى على خيزرانة ... يكاد يدانيها من الأرض لينها
فقال له منذر بن سعيد: أيها الشيخ، أعزك الله، باتا يصنعان ماذا؟ فقال أبو جعفر: فكيف تقول أنت؟ قال له منذر: بانت وبان قرينها. فاستبان أبو جعفر ما قال، وقال له: ارتفع، ولم يزل يرفعه حتى أدناه منه. وكان يعرف ذلك له بعد ذلك ويكرمه. روى عنه أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أسد الجهني، وأحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي، وكان مختصا به.
منذر بن الصباح بن عصمة القاضي القبري، من أهل قبرة، له رحلة وطلب وعناية. حدث بالأندلس، ومات فيها سنة خمس وخمسين ومائتين. هكذا بخط عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الثلاج، في نسخة من كتاب ابن يونس؛ وفي أخرى بخط أبي عبد الله محمد بن علي الصوري، الحافظ: محمد بن الأصبغ، ابن عصمة، واتفقا فيما سوى ذلك كله، إلا في الأصبغ والصباح فقط. والله أعلم بالصواب.