خمس وخمسين ومائتين، وقد قيل فيه: منذر بن الصباح بن عصمة فأعدناه في موضعه لذلك.
منذر بن حزم من أهل بطليوس، مات بالأندلس في صدر أيام الأمير عبد الرحمن بن محمد.
منذر بن سعيد القاضي أبو الحكم، يعرف بالبلوطي، منسوب إلى موضع هناك قريب من قرطبة، يقال له فحص البلوط، ولى قضاء الجماعة بقرطبة في حياة الحكم المستنصر بالله، وكان عالماً فقيهاً، وأديباً بليغاً، وخطيباً على المنابر وفي المحافل مصقعاً، وله اليوم المشهور الذي ملأ فيه الأسماع، وبهر القلوب؛ وذلك أن الحكم المستنصر كان مشغوفاً بأبي على القالي يؤهله لكل مهم في بابه، فلما ورد رسول ملك الرم أمره عند دخول الرسول إلى الحضرة أن يقوم خطيباً بما كانت العادة جارية به، فلما كان في ذلك الوقت، وشاهد أبو علي الجمع، وعاين الحفل، جبن ولم تحمله رجلاه، ولا ساعده لسانه وفطن له أبو الحكم منذر بن سعيد، فوثب وقام مقامه، وارتجل خطبة بليغة على غير أهبة، وأنشد لنفسه في آخرها:
هذا المقال الذي ما عابه فند ... لكن صاحبه أزرى به البلد
لو كنت فيهم غريباً كنت مطرفاً ... لكنني منهم فاغتالني النكد
لولا الخلافة أبقى الله بهجتها ... ما كنت أبقى بأرض ما بها أحد
فاتفق ذلك الجمع على استحسانه، وجمال استدراكه، وصلب العلج، وقال: هذا كبش رجال الدولة. وقد ذكر هذا المعنى أبو عامر ابن شهيد في كتابه المعروف بحانوت عطار وغيره.
قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وكان مائلاً إلى القول بالظاهر، قويا على الانتصار لذلك، ومن مصنافته كتاب الإنباه على