حسان بن مالك بن أبي عبدة الوزير من الأئمة في اللغة والآداب. ومن أهل بيت جلالة ووزارة، روى عن القاضي أبي العباس أحمد بن عبد الله بن ذكوان مذاكرة،؛ وحدثنا عنه أبو محمد علي بن أحمد، وقال: إنه عمل على مثال كتاب أبي السري سهل بن أبي غالب الذي ألف في أيام الرشيد كتاباً أسماه: كتاب ربيعة وعقيل. قال لي أبو محمد: وهو من أملح ما ألف في هذا المعنى، وفيه من أشعاره ثلاث مائة بيت؛ قال: وكان سبب تأليفه إياه أنه دخل على المنصور أبي عامر محمد ابن أبي عامر، وبين يديه كتاب أبي السري وهو يعجب به، فخرج من عنده، وعمل هذا الكتاب، وفرغ منه، تأليفاً، ونسخاً، وتصويراً، وجاء به في مثل ذلك اليوم من الجمعة الأخرى وأراه إياه، فسر به، ووصله عليه، ومن أشعاره فيه:
سقى بلداً أهلى به وأقاربى ... غواد بأثقال الحيا وروائح
وهبت عليهم بالعشي وبالضحى ... نواسم من برد الطلال فوائح
تذكرتهم والنأى قد حال دونهم ... ولم أنس لكن أوقد القلب لافح
ومما شجاني هاتف فوق أيكة ... ينوح ولم أعلم بما هو نائح
فقلت اتئد يكفيك أنى نازح ... وأن الذي أهواه عنى نازح
ولي صبية مثل الفراخ بقفرة ... مضى حاضناها فاطحتها الطوائح
إذا عصفت ريح أقامت رؤوسها ... فلم تلقها إلا طيور بوارح
فمن لصغار بعد فقد أبيهم ... سوى سانح في الدهر لوعن سانح
وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد، وقال: إنه كتب إلى المستظهر عبد الرحمن ابن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر المسمى بالخلافة أيام الفتنة.