يظهر ذلك، ولا غير للناس عادة ولا مذهبا، وكذلك سائر من ولى منهم بالأندلس، فبقى القاسم كذلك إلى شهر ربيع الأول سنة اثنتى عشرة وأربع مائة، فقام عليه ابن أخيه يحيى بن علي بن حمود بمالقة، فهرب القاسم عن قرطبة بلا قتال، وصار بإشبيلية، وزحف ابن أخيه المذكور من مالقه بالعساكر، فدخل دون مانع، وتسمى بالخلافة، وتلقب بالمعتلى، فبقي كذلك إلى أن اجتمع للقاسم أمره، واستمال البربر، وزحف بهم إلى قرطبة، فدخلها في سنة ثلاث عشرة وأربع مائة، وهرب يحيى ابن علي إلى مالقة فبقى القاسم بقرطبة شهوراً اضطرب أمره، وغلب ابن أخيه يحيى على الجزيرة المعروفة بالجزيرة الخضراء، وهي كانت معقل القاسم وبها كانت امرأته وذخائره، وغلب ابن أخيه الثاني إدريس بن علي صاحب سبتة على طنجة، وهي كانت عدة القاسم ليلجأ إليها إن رأى ما يخاف بالأندلس؛ وقام عليه جماعة أهل قرطبة في المدينة، وأغلقوا أبوابها دونه، فحاصرهم نيفاً وخمسين يوماً، وأقام الجمعة في مسجد ابن أبي عثمان؛ ثم إن أهل قرطبة زحفوا إلى البربر، فانهزم البربر عن القاسم، وخرجوا من الأرباض كلها في شعبان سنة أربع عشرة وأربع مائة، ولحقت كل طائفة من البربر ببلد غلبت عليه، وقصد القاسم إشبيلية، وبها كان ابناه محمد والحسن؛ فلما عرف أهل إشبيلية خروجه عن قرطبة، ومجيئه إليهم، طردوا بنيه ومن كان معهما من البربر، وضبطوا البلد، وقدموا على أنفسهم ثلاثة رجال من شيوخ البلد وأكابرهم؛ وهم القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمى، ومحمد بن يريم