ذكره ممن دخلها من التابعين وممن وليها من الأمراء هلم جرا، ثم نذكر سائر من قصدنا ذكره مما في الحفظ أو في حاضر الكتب، مرتباً على حروف المعجم، ونعتمد ذلك أيضاً في كل حرف إذ لم يصح لنا ترتيبهم على الأوقات، ولا على الطبقات؛ وكل ذلك على الاختصار المقصود؛ ومع ما في ذكر أمرائها وأزمانهم من المعرفة فإن فيه فائدة أخرى وهو أنا إذا لم نقف على تحديد وقت وفاة أحد ممن ذكرناه من غيرهم، نسبناه إلى أيام من عرفنا أنه كان في أيامه من الأمراء، فاستبانت بذلك طبقته، وعرف زمانه. فأما أول أوقات افتتاحها ففي سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، في القرن الثاني الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير القرون بعد قرنه؛ وأما الذي تولى فتحها وكان أمير الجيش السابق إليها فطارق، قيل ابن زياد، وقيل ابن عمرو، وكان والياً على طنجة مدينة من المدن المتصلة ببر القيروان في أقصى المغرب، بينها وبين الأندلس فيما يقابلها خليج من البحر يعرف بالزقاق وبالمجاز؛ رتبه فيها موسى بن نصير أمير القيروان. وقيل إن مروان بن موسى بن نصير خلف طارقاً هناك على العساكر، وانصرف إلى أبيه لأمر عرض له، فركب طارق البحر إلى الأندلس من جهة مجاز الخضراء، منتهزاً لفرصة أمكنته، فدخلها وأمعن فيها، واستظهر على العدو بها، وكتب إلى موسى ابن نصير بغلبته على ما غلب عليه من الأندلس وفتحه، وما حصل له من الغنائم، فحسده على الانفراد بذلك، وكتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان يعلمه بالفتح، وينسبه إلى نفسه، وكتب إلى طارق يتوعده إذ دخلها بغير إذنه،