عبد العزيز بن المهدي الخطيب وقال لي كان عطية زاهداً، وكان لا يضع جنبه على الأرض وإنما ينام محتبياً. قال أبو الفضل ومات في سنة ثلاث وأربع مائة فيما أظن.
هذا آخر كلام أبي بكر الخطيب، قال لي أبو محمد بن حفصون. ثم خرج عطية من بغداذ إلى مكة، فأخبرني أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي، قال: لقيت عطية الأندلسي ببغداذ، وصحبته وكان من الإيثار والسخاء والجود بما معه على أمر عظيم، إنما يقتصر من لباسه على فوطة ومرقعة ويؤثر بما سوى ذلك، وكان قد جمع كتباً حملها على بخاتي كثيره قال عبد العزيز: فرافقته وخرجنا جميعاً إلى الياسرية، وليس معه إلا وكاؤه وركوته ومرقعته عليه، قال: فعجبت من حاله ولم أعارضه فبلغنا إلى المنزل الذي نزل فيه الناس وذهبنا نتخلل الرفاق ونمر على النازلين، فإذا بشيخ خراساني له أبهة وهو جالس في ظل له، وحوله حشم كثير، قال: فدعانا وكلمنا بالعجمية وقال لنا: انزلوا فنزلنا وجلسنا عنده، فما أطلنا الجلوس حتى كلم بعض غلمانه، فأتى بالسفرة فوضعها بين أيدينا، وفتحها وأقسم علينا فإذا فيها طعام كثير وحلاوة حسنة فأكلنا وقمنا، قال عبد العزيز فلم نزل على هذه الحال يتفق كل يوم من يدعونا ويطعمنا ويسقيناً إلى أن وصلنا إلى مكة، وما رأيته حمل من الزاد قليلا ولا كثيراً.
قال: وقرىء عليه بمكة الصحيح لمحمد بن إسماعيل البخاري روايته عن إسماعيل ابن محمد الحاجبي عن الفربري عن البخاري، وكان أبو العباس أحمد بن الحسن الرازي الحافظ المقيد هو الذي يقرأه عليه. قال أبو محمد: فقال لي أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجستاني الحافظ: كان أبو العباس إذا قرأ ربما توقف في قراءته، فكان عطية يبتدى فيقول: هذا فلان بن فلان روى عنه فلان بن فلان ويذكر بلده ومولده وما حضره من ذكره، فكان