ولم أزر الأعراب في خبت أرضهم ... بذات اللوى من رامة وبراق
ولم أصطبح بالبيد من قهوة النوى ... بكأس سقانيها الفراق دهاق
بلى وكأن الموت قد زار مضجعي ... فحول مني النفس بين تراق
أخي إنما الدنيا محلة فرقة ... ودار غرور آذنت بفراق
تزود أخي من قبل أن تستكن الثرى ... ويلتف ساق للنشور بساق
وكان أبو عبد الله الخشني عالماً حافظاً، حدث عن بالأندلس جماعة جمة نبلاء، منهم أسلم بن عبد العزيز بن هاشم القاضي، وأحمد بن خالد، ومحمد بن قاسم بن محمد، وأبو محمد قاسم بن أصبغ البياني، وكان من المكثرين عنه، وابنه محمد بن محمد ابن عبد السلام؛ ومات بالأندلس سنة ست وثمانين ومائتين. وذكره أبو محمد عبد الغني بن سعيد فقال: محمد بن عبد السلام الخشنى القرطبي صاحب تاريخ تاريخ الأندلس، روى عن ابن وضاح؛ فوهم من وجهين: أحدهما أنه جعله صاحب التاريخ، والخشنى الذي ألف في التاريخ هو محمد بن حارث الخشنى، ولعله لما رأى التاريخ منسوباً إلى الخشنى ظنه محمد بن عبد السلام، وإنما هو محمد ابن حارث؛ والوجه الآخر أنه قال: روى عن ابن وضاح، وهو وابن وضاح في طبقة واحدة، وفي سنة واحدة ماتا، والذي روى عن ابن وضاح هو محمد بن حارث، وإنما ركب ذلك كله على ظنه أن الخشنى هو محمد بن عبد السلام، والله أعلم. فإن كان عول فيما ظنه من ذلك على كتاب ابن يونس في إيراد ما أورده عن الخشني من وفيات أهل تلك الناحية وذكرهم، فظن أنه محمد بن عبد السلام، لأنه الأشهر والأقدم زمنا، فلو أنعم النظر وتتبع كتاب ابن يونس لوجد فيه أن محمد ابن عبد السلام مات في سنة ست وثمانين ومائتين،