قَالَ أَبُو مُحَمَّد وبرهان آخر وَهُوَ أَن الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ دون عقد الْقلب لأحكم لَهُ عِنْد الله عز وَجل لِأَن أَحَدنَا يلفظ بالْكفْر حاكياً وقارئاً لَهُ فِي الْقُرْآن فَلَا يكون بذلك كَافِرًا حَتَّى يقر أَنه عقده
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَإِن احْتج بِهَذَا أهل الْمقَالة الأولى وَقَالُوا هَذَا يشْهد بِأَن الإعلان بالْكفْر لَيْسَ كفرا قُلْنَا لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق قد قُلْنَا أَن التَّسْمِيَة لَيست لنا وَإِنَّمَا هِيَ لله تَعَالَى فَلَمَّا أمرنَا تَعَالَى بِتِلَاوَة الْقُرْآن وَقد حكى لنا فِيهِ قَول أهل الْكفْر وَأخْبرنَا تَعَالَى أَنه لَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر خرج القاريء لِلْقُرْآنِ بذلك عَن الْكفْر إِلَى رضى الله عز وَجل وَالْإِيمَان بحكايته مَا نَص الله تَعَالَى بأَدَاء الشَّهَادَة بِالْحَقِّ فَقَالَ تَعَالَى {إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} خرج الشَّاهِد الْمخبر عَن الْكَافِر بِكُفْرِهِ عَن أَن يكون بذلك كَافِر إِلَى رضى الله عز وَجل وَالْإِيمَان وَلما قَالَ تَعَالَى {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَلَكِن من شرح بالْكفْر صَدرا} أخرج من ثَبت إكراهه عَن أَن يكون بِإِظْهَار الْكفْر كَافِر إِلَى رخصَة الله تَعَالَى والثبات على الْإِيمَان وَبَقِي من أظهر الْكفْر لَا قارياً وَلَا شَاهدا وَلَا حاكياً وَلَا مكْرها على وجوب الْكفْر لَهُ بِإِجْمَاع الْأمة على الحكم لَهُ بِحكم الْكفْر وبحكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وبنص الْقُرْآن