للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَو عجزنا عَن تَفْضِيل بعض أَقسَام هَذِه الاعتراضات لما ألزمنا فِي ذَلِك نقصا إِذْ لَا يجوز الِاعْتِرَاض على هَذَا النَّص وَكلما صَحَّ بِيَقِين فَلَا يجوز أَن يُعَارض بِيَقِين آخر والبرهان لَا يُبطلهُ برهَان وَقد أوضحنا أَن الْجنَّة دَار جَزَاء على أَعمال الْمُكَلّفين فأعلاهم دَرَجَة أعلاهم فضلا وَنسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلا دَرَجَة فِي الْجنَّة من جَمِيع الصَّحَابَة فهن أفضل مِنْهُنَّ فَمن أبي هَذَا فليخبرنا مَا معنى الْفضل عِنْده إِذْ لَا بُد أَن يكون لهَذِهِ الْكَلِمَة معنى فَإِن قَالَ لَا معنى لَهَا فقد كفانا مُؤْنَته وَإِن قَالَ لَهَا معنى سألناه مَا هُوَ فَإِنَّهُ لَا يجد غير مَا قُلْنَاهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَكيف وَقد أَتَيْنَا بتأييد الله عز وَجل لنا على كل مَا اعْترض علينا بِهِ فِي هَذَا الْبَاب ولاح وَجه فِي ذَلِك بَيْننَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) واستدركنا بَيَانا زَائِدَة فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَن فَاطِمَة سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ أَو نسَاء هَذِه الْأمة فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن الْوَاجِب مُرَاعَاة أَلْفَاظ الحَدِيث وإ نما ذكر عَلَيْهِ السَّلَام فِي هَذَا الحَدِيث السِّيَادَة وَلم يذكر الْفضل وَذكر عَلَيْهِ السَّلَام فِي حَدِيث عَائِشَة الْفضل نصا بقوله عَلَيْهِ السَّلَام فضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) والسيادة غير الْفضل وَلَا شكّ أَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا سيدة نسَاء الْعَالمين بِوِلَادَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهَا فالسيادة من بَاب الشّرف لَا من بَاب الْفضل فَلَا تعَارض بَين الحَدِيث الْبَتَّةَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَقد قَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا هُوَ حجَّة فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة كَانَ أَبُو بكر خير وَأفضل من مُعَاوِيَة وَكَانَ مُعَاوِيَة أسود من أبي بكر فَفرق ابْن عمر كَمَا ترى بَين السَّادة وَبَين الْفضل وَالْخَيْر وَقد علمنَا أَن الْفضل هُوَ الْخَيْر نَفسه لِأَن الشَّيْء إِذا كَانَ خيرا من شَيْء آخر فَهُوَ أفضل مِنْهُ بِلَا شكّ

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَقد قَالَ قَائِل مِمَّن يخالفنا فِي هَذَا قَالَ الله عز وَجل {وَلَيْسَ الذّكر كالانثى} فَقُلْنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَأَنت إِذا عِنْد نَفسك أفضل من مَرْيَم وَعَائِشَة وَفَاطِمَة لِأَنَّك ذكر وَهَؤُلَاء أناث فَإِن قَالَ هَذَا الْحق بالنوكي وَكفر بِأَن سُئِلَ عَن معنى الْآيَة قيل لَهُ الْآيَة على ظَاهرهَا وَلَا شكّ فِي أَن الذّكر لَيْسَ كالأنثى لِأَنَّهُ لَو كَانَ كالأنثى وَالْأُنْثَى أَيْضا لَيست كالذكر لِأَن هَذِه أُنْثَى وَهَذَا ذكر وَلَيْسَ هَذَا من الْفضل فِي شَيْء الْبَتَّةَ وَكَذَلِكَ الْحمرَة غير الخضرة والخضرة لَيست كالحمرة وَلَيْسَ هَذَا من بَاب الْفضل فَإِن اعْترض معترض بقول الله تَعَالَى {وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} قيل لَهُ إِنَّمَا هَذَا فِي حُقُوق الْأزْوَاج على الزَّوْجَات وَمن أَرَادَ حمل هَذِه الْآيَة على ظَاهرهَا لزمَه أَن يكون كل يَهُودِيّ وكل مَجُوسِيّ وكل فَاسق من الرِّجَال أفضل من أم مُوسَى وَأم عِيسَى وَأم إِسْحَاق عَلَيْهِم السَّلَام وَمن نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبنَاته وهذ ١ كفر مِمَّن قَالَه بِإِجْمَاع الْأمة وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {أَو من ينشأ فِي الْحِلْية وَهُوَ فِي الْخِصَام غير مُبين} إِنَّمَا لَك فِي تقصيرهن فِي الْأَغْلَب عَن المحاجة لقلَّة ذريتهن وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يحط من الْفضل عَن ذَوَات الْفضل مِنْهُنَّ فَإِن اعْترض معترض فَقَالَ الَّذِي أمرنَا بطاعتهم من خلفاء الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أفضل من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله تَعَالَى {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} فَالْجَوَاب وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن هَذَا خطأ من جِهَات إِحْدَاهَا أَن نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جملَة أولي الْأَمر منا الَّذين أمرنَا بطاعتهم فِيمَا بلغن إِلَيْنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كالأئمة من الصَّحَابَة سَوَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>