الدُّنْيَا فَلَا يُطيق أَن يرفعها من الثّقل وَقيل إِنَّهَا تغل يَده وَقيل إِنَّهَا تلصق بجسده وَقيل إِن الْملك يَقُول لَهُ يَا عَدو الله خُذ كتابك بشمالك فَإنَّك من أَصْحَاب الشمَال جعلنَا الله وَإِيَّاكُم من أَصْحَاب الْيَمين
فَيتَنَاوَل عبد الله أَخُو الْأسود كِتَابه بِيَمِينِهِ وَيُقَال لَهُ إقرأ مَا عملت من خير وَشر وَلَا تلومن إِلَّا نَفسك فيفض خَاتم الْكتاب فينشر كِتَابه فَإِذا هُوَ مَكْتُوب بِخَط أَبيض فِي بَاطِن الْكتاب السَّيِّئَات وَفِي ظَاهره الْحَسَنَات فَيُقَال لَهُ إقرأ سيئاتك فَأول حرف يجد فِي الْكتاب أَصْغَر ذَنْب عمله فِي الدُّنْيَا فَإِذا رأى ذَلِك الذَّنب ميل رَأسه ونكسه حَيَاء من الله تَعَالَى وسال مِنْهُ من الْعرق مَا لَو أَن مِائَتَيْنِ من الْإِبِل أكلت حمضا والتهبت عطشا ووردت على عرقه لشربت كلهَا وَرجعت وَقد رويت وَمَا نقص من عرقه شَيْء
١٨٧ - كَيْفيَّة السُّؤَال
هَذَا كُله حَيَاء من الله عز وَجل فَيَقُول الْجَبَّار جلّ جَلَاله عَبدِي فَيَقُول لبيْك رَبِّي وَسَعْديك فَيَقُول ارْفَعْ رَأسك أتعرف ذَنْبك هَذَا فَيَقُول مولَايَ وسيدي وَعزَّتك وجلالك إِنِّي لأعرفه فَيَقُول عَبدِي أَتَذكر يَوْم كَذَا وَكَذَا فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا وَأَنت على هَذَا الذَّنب فَيَقُول نعم وَعزَّتك وجلالك
فَيَقُول لَهُ الْجَبَّار جلب جَلَاله عَبدِي إِنَّك إِذا أخفيت ذَلِك من الْخَلَائق لقد علمت أَنِّي كنت مطلعا عَلَيْك فَيَقُول بلَى يَا سَيِّدي ومولاي وَعزَّتك وجلالك لقد علمت ذَلِك فَيَقُول لَهُ جلّ جَلَاله أما استحيت مني أما راقبتني أما علمت أَن مرجعك إِلَيّ
وَالْعَبْد فِي هَذَا التوبيخ قد علاهُ الْعرق وذاب من شدَّة الْغَرق فَيَقُول مولَايَ وسيدي لِأَن ترسل بِي إِلَى النَّار أَهْون عَليّ من هَذَا التوبيخ فَيَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى عَبدِي أَلَيْسَ قد سترتها عَلَيْك فِي الدُّنْيَا فَيَقُول العَبْد مولَايَ لقد فعلت ذَلِك بِي فَيَقُول جلّ جَلَاله عَبدِي وَعِزَّتِي وَجَلَالِي ومجدي وجودي وكرمي لقد محوتها من قُلُوب الْمَلَائِكَة وَقُلُوب الْآدَمِيّين وابقيتها بيني وَبَيْنك حَتَّى تعلم نعمتي عَلَيْك وأفضالي لديك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
١٨٨ - غفران الذُّنُوب
فَلَا يزَال جلّ جَلَاله يفعل بِهِ ذَلِك فِي كل ذَنْب حَتَّى يقْرَأ جَمِيع مَا فِي كِتَابه من الذُّنُوب فَإِذا أُتِي على آخر الْكتاب وجد فِيهِ عَبدِي هَذِه سيئاتك قد غفرتها لَك
فَعِنْدَ ذَلِك يبيض وَجهه وتحسن بَشرته وَيذْهب عَنهُ الْحزن والهم والجزع
ثمَّ يَقُول الله جلّ جَلَاله قلب كتابك فاقرأ حَسَنَاتك فيقلب العَبْد كِتَابه فَيقْرَأ حَسَنَاته كلما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute