تبَارك وَتَعَالَى جعل للمعروف أَعدَاء من خلقه بغض إِلَيْهِم الْمَعْرُوف وَبَعض إِلَيْهِم فعاله وحظر على طلاب الْمَعْرُوف الطّلب إِلَيْهِم وحظر عَلَيْهِم إعطاءه كَمَا حظر الْغَيْث عَن الأَرْض المجدبة ليهلكها وَيهْلك أَهلهَا وَمَا يغْفر الله عز وَجل أَكثر فَالله الله يَا أَوْلِيَاء الله يَا أهل الْمَعْرُوف
فكونوا من أهل الْمَعْرُوف وأعينوا الْفَقِير وأغيثوا الملهوف فَعَسَى الله أَن يغيثكم يَوْم الْبَعْث إِنَّه رَحِيم رؤوف
٤٠٣ - إِخْرَاج الزَّكَاة
وَهَذَا الْيَوْم الْمُبَارك الشريف يَوْم عَاشُورَاء لما جعل الله فِيهِ من الْخلف والخيرات وَاعْلَمُوا أَنه لما عظم الله تَعَالَى يَوْم عَاشُورَاء وَجعل فِيهِ الْخلف والخيرات اسْتحبَّ للْمُؤْمِنين فِيهِ إِخْرَاج الزَّكَاة وَمَا من أحد من الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات لم تجب عَلَيْهِ زَكَاة مَاله فَأعْطى فِي يَوْم عَاشُورَاء أَو تصدق من الْيَسِير الَّذِي مَعَه رَغْبَة فِي فضل يَوْم عَاشُورَاء إِلَّا كتب من أهل الزَّكَاة وَلم يخرج من الدُّنْيَا حَتَّى يُعْطي مَالا حَلَالا يُزكي عَلَيْهِ
فإياكم يَا معشر الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات أَن يخدعكم الشَّيْطَان اللعين لِأَنَّهُ قد جَاءَ فِي الْخَبَر أَن العَبْد إِذا هم بِإِخْرَاج دِرْهَم لوجه الله تَعَالَى فتح الشَّيْطَان فِي قلبه سبعين بَابا من الْفقر حَتَّى يحول بَينه وَبَين إِخْرَاجه فَإِن من الله تَعَالَى على العَبْد وأعانه حَتَّى يغلب عدوه وشيطانه كَانَ كمن هزم عسكرا من الْمُشْركين وقتلهم
وَيدل على صِحَة هَذَا القَوْل أَن عليا بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ كَانَ إِذا آن أَوَان الزَّكَاة وعزم على إخْرَاجهَا لبس درعه وتقلد بِسَيْفِهِ وَأخذ رمحه وَركب فرسه فَتَقول الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم مَالك يَا أَبَا الْحسن لبست آلَة حربك فَيَقُول أَنا خَارج إِلَى محاربة الشَّيْطَان أَخَاف أَن يَمْنعنِي إِخْرَاج الزَّكَاة فجهاد الشَّيْطَان هُوَ الْجِهَاد الْأَكْبَر والشيطان لَعنه الله يُرِيد أَن يردك إِلَى فقر نَفسك ويصدك عَمَّا وَعدك رَبك جلّ جَلَاله حِين قَالَ عز وَجل {الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم بالفحشاء وَالله يَعدكُم مغْفرَة مِنْهُ وفضلا وَالله وَاسع عليم} الْبَقَرَة ٢٦٨ وَالله وَاسع الْعَطاء لِأَنَّهُ جلّ وَتَعَالَى لَا ينقص من ملكه مَا يخلف على العَبْد الْمُؤمن الَّذِي يُؤَدِّي الزَّكَاة وَيتَصَدَّق من فضل مَاله
وَقَوله تَعَالَى {عليم} أَي عليم بِمَا يَفْعَله الْعباد من الْخَيْر وَالشَّر فَمن أنْفق من مَال الله ووسع مِنْهُ على عِيَاله وَعباد الله كَانَ لَهُ الْخلف من الله تَعَالَى يَقُول الْمولى جلّ جَلَاله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرازقين} سبأ ٣٩ فَالله الله عباد الله ثقوا بمولاكم