الْقَرار والمنجية من سخط الْملك الْجَبَّار ومدار ذَلِك كُله على الْقلب وَالْقلب هُوَ سُلْطَان الْبدن فَإِذا صلح صلح جَمِيع الْجَسَد وَإِذا فسد فسد جَمِيع الْجَسَد وصلاحه إِنَّمَا هُوَ بِنور الْإِيمَان وبنظر الْملك الرَّحْمَن وفساده إِنَّمَا هُوَ بظلمة الْعِصْيَان ووسواس الْعَدو الشَّيْطَان وَلذَلِك ورد الْخَبَر عَن سيد الْبشر إِن فِي ابْن آدم لمضغة إِذا صلحت صلح الْجَسَد وَإِذا فَسدتْ فسد سَائِر الْجَسَد أَلا وَهِي الْقلب
٤٢٧ - شَجَرَة الزَّيْتُون
وَقَالَ الله تَعَالَى {قد جَاءَكُم من الله نور وَكتاب مُبين} الْمَائِدَة ١٥ وَقَالَ عز وَجل {وأنزلنا إِلَيْكُم نورا مُبينًا} النِّسَاء ١٧٤ وَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نورا نهدي بِهِ من نشَاء من عبادنَا} الشورى ٥٢ وَقَوله تَعَالَى {زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية} النُّور ٣٥ لَا شرقية تطلع عَلَيْهَا الشَّمْس كل النَّهَار فتحرقها وَلَا غربية يُصِيبهَا الظل كل النَّهَار فيظلها وَهِي أفضل مَا يكون من الشّجر
وَهَذَا مثل ضربه الله تَعَالَى فِي وصف نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والنور الَّذِي أنزل عَلَيْهِ هُوَ الْقُرْآن
فَالله تَعَالَى قد وصف الشَّجَرَة بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حفظهَا من الشَّمْس والظل فَكَذَلِك حفظ لنا الْقُرْآن فَلم يَقع فِيهِ تَحْرِيف وَلَا بهتان وَلَا زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَلَو جعل الله حفظه إِلَيْنَا وَقع فِيهِ التحريف والتبديل كَمَا وَقع فِي الْكتب الْمُتَقَدّمَة قَالَ الله تَعَالَى {بِمَا استحفظوا من كتاب الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء} الْمَائِدَة ٤٤ ثمَّ أخبرنَا عَنْهُم عز وَجل أَنهم حرفوا وبدلوا فَقَالَ تَعَالَى {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه ونسوا حظا مِمَّا ذكرُوا بِهِ} الْمَائِدَة ١٣ وَقَالَ سُبْحَانَهُ {فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم ثمَّ يَقُولُونَ هَذَا من عِنْد الله} الْبَقَرَة ٧٩ فاخبرنا الْملك الرَّحْمَن فِي مُحكم الْقُرْآن أَنهم أوقعوا فِي كتبهمْ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان والتحريف والبهتان
وخبرنا مَوْلَانَا عَن الْقُرْآن أَنه الْحَافِظ لَهُ بقوله {إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} الْحجر ٩ وَمَا حفظ الْملك الديَّان فَلَا يَقع فِيهِ زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَلَا تَحْرِيف وَلَا بهتان
فكتابنا قد حفظه الْملك الْجَلِيل فَسلم من التحريف والتبديل وَكَذَلِكَ حفظ نبيه مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَصَمَهُ وهداه فَقَالَ تَعَالَى فِي عصمته لنَبيه حَبِيبه وَصفيه {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} الْمَائِدَة ٦٧ وَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى فِي هدايته لنَبيه {ويهديك صراطا مُسْتَقِيمًا} الْفَتْح ٢ فَأخْبرنَا مَوْلَانَا الْعَزِيز الْحَكِيم عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute