إِن كَانَ يصلح للْمَوْت والقبر فتمادى عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لَا يَصح لهذين فتب إِلَى الله تَعَالَى مِنْهَا وأرجع إِلَى مَا يصلح
وأنشدوا
(كم تناسى الْقُبُور يَا مغرور ... حفر مَا بهَا لعاص سرُور)
(وتعامى عَنْهَا وَأَنت ترَاهَا ... ورحاها على الْأَنَام تَدور)
(فَاتق الله حق تقواه وَاحْذَرْ ... كل هول يخافه المقبور)
(ودع اللَّهْو والبطالة واعمل ... للَّتِي عَاجلا إِلَيْهَا تصير)
(تِلْكَ دَار الْبَقَاء فَكل تَقِيّ ... فِي رباها مكرم محبور)
(ولعاص مصر إِن لم تنله ... رَحْمَة الله مبعد مثبور)
٣١٨ - دُعَاء لأهل الْقُبُور
كَانَ بعض الْخَائِفِينَ إِذا خرج إِلَى الْقُبُور لَا ترقأ دمعته وَلَا يَأْكُل وَلَا يشرب ثَلَاثَة أَيَّام وَيَقُول ترى يَا أحبائي مَا لَقِيتُم فِي بيُوت الحسرات آنس الله غربتكم ورحم الله وحشتكم وَبرد الله مضاجعكم وهون مَا قدر عَلَيْكُم مولاكم إِنَّه سميع قريب نعم الْمولى وَنعم النصير
ثمَّ يَأْخُذ فِي الْبكاء والنحيب
فَالله الله أبكوا قبل أَيَّام الْبكاء واندبوا قبل يَوْم الأسى
وأنشدوا
(لاه بدنياه وَالْأَيَّام تنعاه ... والقبر غَايَته واللحد مَأْوَاه)
(يلهو وَلَو كَانَ يدْرِي مَا أعد لَهُ ... إِذا لأحزنه مَا كَانَ ألهاه)
(أَو مَا جنت يَده لَو قد تعرفه ... ويلاه مِمَّا جنت كَفاهُ ويلاه)
اعلموا عباد الله أَن الْقُبُور على الْأَمْوَات توابيت مقفولة والأعمال فِي أَعْنَاقهم قلائد مجعولة وأرواحهم بِالْغَدَاةِ والعشي إِلَى الْجنَّة أَو النَّار مَحْمُولَة وأنشدوا
(يَا أَيهَا الرجل المزخرف قَبره ... وَلَعَلَّه فِي جَوْفه مغلول)
(يَا أَيهَا الرجل الْمُقِيم بمنزل ... فِيهِ الْحَوَادِث مَا أَقَامَ نزُول)
(أَلا يغرك ملكه ونعيمه ... فالملك يفنى وَالنَّعِيم يَزُول)
(وَإِذا حملت إِلَى الْقُبُور جَنَازَة ... فَاعْلَم بأنك بعْدهَا مَحْمُول)
يَا إِخْوَاننَا مضى الإخوان وَنحن على آثَارهم فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قد عميت أبصارنا عَن حقائق الْأُمُور وغفلنا عَن الْحمام ونسينا الْقُبُور