٣٥٢ - الْأَعرَابِي الْمُجْتَهد
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جَاءَهُ رجل من أهل نجد ثَائِر الرَّأْس يسمع دوِي صَوته وَلَا يفقه مَا يَقُول حَتَّى دنا فَإِذا هُوَ يسْأَل عَن الْإِسْلَام فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خمس صلوَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة) فَقَالَ هَل عَليّ غير هَذَا فَقَالَ لَا إِلَّا أَن تطوع قَالَ رَسُول الله وَصِيَام شهر رَمَضَان قَالَ هَل عَليّ غَيره قَالَ لَا إِلَّا أَن تطوع وَذكر لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزَّكَاة فَقَالَ لَهُ هَل عَليّ غَيرهَا قَالَ لَا إِلَّا أَن تطوع فَأَدْبَرَ الرجل وَهُوَ يَقُول وَالله لَا أَزِيد على هَذَا وَلَا أنقص مِنْهُ
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَفْلح وَإِن صدق)
٣٥٣ - ثَوَاب الصّيام
وَرُوِيَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) فارغبوا رحمكم الله فِي هَذَا الثَّوَاب الْعَظِيم وَالْملك الجسيم وصوموا واحتسبوا ثَوَابه عِنْد الرب الرَّحِيم فَإِنَّهُ شهر أنزل فِيهِ الْقُرْآن من عِنْد الْملك الرَّحْمَن على النَّبِي مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
فارغبوا فِي فَضله وسارعوا إِلَى الْقيام بِحقِّهِ يَا أولي الْعُقُول والألباب وَلَا تعملوا أَعمال من خَالف السّنة وَالْكتاب فَمَا تَدْرُونَ أَتَرَوْنَ غَيره أم لَا
٣٥٤ - فضل الصَّلَاة على النَّبِي
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرنِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ يَا مُحَمَّد من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك فَمَاتَ فَلم يغْفر الله لَهُ فَدخل النَّار أبعده الله
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمين ثمَّ قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام من أدْرك وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فَلم يغْفر لَهُ فِيهِ فَدخل النَّار أبعده الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمين ثمَّ قَالَ جِبْرِيل يَا مُحَمَّد من أدْرك شهر رَمَضَان فَمَاتَ فَلم يغْفر لَهُ فَدخل النَّار فَأَبْعَده الله قلت آمين
فَالله إيَّاكُمْ وَالْمَوْت أَن يفاجأكم وَقد حيل بَيْنكُم وَبَين صِيَام غَيره وَقد فَازَ الْعَامِلُونَ وخسر المبطلون
٣٥٥ - صِيَام الدَّهْر
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ بست من شَوَّال فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْر كُله) وفقنا الله وَإِيَّاكُم لأعمال الْبر برحمته
قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} الْبَقَرَة ١٨٣ سماهم باسمه ورسمهم برسمه وشرفهم حِين عرفهم فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام} سهل عَلَيْكُم بذلك وَارِد الْخطاب
فَلَمَّا أَرَادَ الله جلّ جَلَاله أَن يكفلهم الصّيام الشاق عَلَيْهِم بَدَأَ الله بأخص أَسمَاء الْمُؤمنِينَ وَأجل صِفَات العارفين وأعلا مقَام المحبين فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام} ثمَّ زَاد بَيَانا فَقَالَ {أَيَّامًا} ثمَّ زَاد بَيَانا فَقَالَ {معدودات} ثمَّ زَاد بَيَانا فَقَالَ {شهر} ثمَّ بَين أَي شهر فَقَالَ {شهر رَمَضَان} ثمَّ بَين ورقق وَيسر فَقَالَ {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْر} الْبَقَرَة ١٨٧ ثمَّ بَين تَمَامه فَقَالَ {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ كتب عَلَيْكُم الصّيام أَيَّامًا فِي السّنة ووعدتكم عَلَيْهَا الْمقَام فِي الْجنَّة كتب عَلَيْكُم الصّيام شهرا ووعدتكم الثَّوَاب دهرا
كتب الله الصّيام على عبيده وَكتب الرَّحْمَة على نَفسه كتب الصّيام أَيَّامًا معدودات وَكتب لكم على نَفسه الْحُصُول فِي الدَّرَجَات كتب عَلَيْكُم أَن تَصُومُوا شهرا وَكتب لكم بِالْحَسَنَة عشرا
رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (من صَامَ رَمَضَان فِي إنصات وسكوت وكف سَمعه وبصره وَلسَانه وَيَده وجوارحه عَن الْحَرَام وَالْكذب والغيبة والأذى اقْترب من الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى تمس ركبته ركبة إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وَلم يكن بَينه وَبَين الْعَرْش إِلَّا فَرسَخ أَو ميل) شكّ عَطاء بن يسَار فِي هَذَا الحَدِيث
وَرُوِيَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (لَو أذن الله عز وَجل للسماوات وَالْأَرْض أَن تتكلما لشهدتا لمن صَامَ رَمَضَان بِالْجنَّةِ) الْإِشَارَة فِي قَوْله تَعَالَى {أَيَّامًا معدودات} الْبَقَرَة ١٨٤ كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُول فريضتي عَلَيْكُم مَعْدُودَة وعطيتي لكم غير محدودة عبادتكم لي بارة ونعمتي عَلَيْكُم بارة طاعتكم من الْحِين إِلَى الْحِين وثابت لكم أَبَد الآبدين صِيَامكُمْ لي من الْعَام إِلَى الْعَام وإباحتي لكم من الْجنَّة أحسن الْمقَام
اعلموا عباد الله أَن مولاكم جلّ جَلَاله حياكم بِشَهْر الصّيام وشرفكم بِملَّة الْإِسْلَام وجعلكم من خير أمة أخرجت للأنام بِمُحَمد عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام
فَلَا تدنسوا شهركم بالإفك والزور وَأَطيعُوا مولاكم الْكَرِيم الغفور تفوزوا فِي الْجنان بالولدان والحور