وَمن كَانَ من إخْوَانهمْ من أهل الذُّنُوب جازوا فِي شفاعتهم فَإِذا جَازَت أول زمرة من الْأَوَّلين السَّابِقين وزمرة الْمُتَأَخِّرين يبْقى رجل وَاحِد فَيَضَع قدمه الْوَاحِدَة فتنزل فَيبقى بالقدم الْأُخْرَى فيركب الصِّرَاط على بَطْنه وَالنَّار تصيبه على قدر ذنُوبه
١١٨ - آخر من يبْقى على الصِّرَاط
فَلَا يزَال يحبو ويتدرج ويبكي ويتضرع إِلَى الله تَعَالَى حَتَّى يجوز فَإِذا جَازَ وَنَجَا رد رَأسه وَنظر إِلَى الصِّرَاط وأهواله وأهوال أهل النَّار وعواء أهل النَّار فِي النَّار فَيَقُول سُبْحَانَ الَّذِي خلصني مِنْك ونجاني من أهوال النَّار
فَبَيْنَمَا هُوَ ينظر إِلَى الصِّرَاط وَيَقُول هَذَا القَوْل يبْعَث الله تَعَالَى إِلَيْهِ بِلُطْفِهِ ملكا من مَلَائكَته فيأتيه فَيَأْخذهُ بِيَدِهِ وَيَقُول لَهُ قُم يَا عبد الله فَينْطَلق إِلَى غَدِير من مَاء على بَاب الْجنَّة فَيَقُول لَهُ الْملك اغْتسل من هَذِه المَاء واشرب مِنْهُ فيغتسل العَبْد وَيشْرب كَمَا أمره الْملك فَيَعُود كَالْقَمَرِ الطالع لَيْلَة التَّمام وتعود رَائِحَته كرائحة أهل الْجنَّة ولونه كألوان أهل الْجنَّة ثمَّ ينْطَلق بِهِ إِلَى قرب جَهَنَّم فَيَقُول لَهُ قف هَا هُنَا حَتَّى يَأْتِيك إِذن من رَبك فَينْظر إِلَى أهل النَّار وَيسمع عواءهم كعواء الْكَلْب يستغيثون من شدَّة الْعَذَاب فَإِذا سمع العَبْد أهل النَّار وَمَا هم فِيهِ بَكَى وَقَالَ يَا رب اصرف وَجْهي عَن أهل النَّار حَتَّى لَا أنظر إِلَيْهِم وَلَا أسمع صوتهم وَلَا أَسأَلك غير هَذَا فيأتيه ذَلِك الْملك من عِنْد رب الْعَالمين فيحول وَجهه عَن أهل النَّار إِلَى أهل الْجنَّة فَينْظر إِلَى نَاحيَة أهل الْجنَّة فَيرى بَينه وَبَين بَاب الْجنَّة رَوْضَة خضراء مَا رأى أحد قطّ مثلهَا ثمَّ ينظر إِلَى بَاب الْجنَّة وجماله وَعرضه مسيرَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا للطير المسرع وَالله أعلم من أَي الأعوام يَقُول يَا رب قد أَحْسَنت إِلَيّ الْإِحْسَان كُله جوزتني الصِّرَاط وأنجيتني من النَّار وأدنيتني من بَاب الْجنَّة هَذِه الرَّوْضَة أَسأَلك أَن تبلغني إِلَيْهَا وَلَا أَسأَلك غير ذَلِك فيأتيه ذَلِك الْملك فَيَقُول لَهُ يَا ابْن آدم مَا أكذبك أَلَسْت قد عزمت أَنَّك لَا تسْأَل غير هَذَا الْمقَام فَيَأْخُذ بِيَدِهِ وينطلق بِهِ للروضة فيدخله فِيهَا