من هول يَوْم عبوس قمطرير وجالت قُلُوبهم خوف الْعلي الْكَبِير فعما قَلِيل ينجون من الْفَزع الهائل الخطير ويجاورون السَّيِّد النذير البشير فِي جنَّة لَيْسَ فِيهَا شمس وَلَا زمهرير رجال اطمأنت قُلُوبهم بِذكر الرَّحْمَن ولزموا الطَّاعَة وتجنبوا الْعِصْيَان وحفظوا ألسنتهم من الْعَيْب والبهتان وَاتبعُوا السّنة وَأَحْكَام الْقُرْآن وَلم يقبلُوا من خدع الْعَدو الشَّيْطَان وطلبوا الزِّيَادَة وَلم يرْضوا بِالنُّقْصَانِ فأثابهم الْجَبَّار بجنة الرضْوَان ومتعهم بالحور الغنجات الحسان كأنهن الْيَاقُوت والمرجان فَأخْبرنَا الْجَلِيل جلّ جَلَاله فِي مُحكم الْقُرْآن عَمَّا أَتَاهُم بِهِ من الْجُود والامتنان فَقَالَ تَعَالَى {هَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان} الرَّحْمَن ٦٠ فالإحسان من العَبْد فِي الدُّنْيَا قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالْإِحْسَان من الله فِي الْآخِرَة الْجنَّة
فَمن أحسن الرِّضَا عَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ جازاه الله بِالرِّضَا عَنهُ فقابل الرِّضَا بِالرِّضَا وَهَذَا غَايَة الْجَزَاء وَنِهَايَة الْعَطاء
٤٣٢ - صفة الْمُؤمنِينَ
رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لطائفة من الْمُؤمنِينَ مَا أَنْتُم قَالُوا نَحن الْمُؤْمِنُونَ فَقَالَ مَا عَلامَة إيمَانكُمْ قَالُوا نصبر عِنْد الْبلَاء ونشكر عِنْد الرَّجَاء وَنرْضى بمواقع الْقَضَاء
فَقَالَ مُؤمنُونَ وَرب الْكَعْبَة وَقيل أحسن الْأَشْيَاء أَن يكون العَبْد رقيبا على بَاطِنه وَظَاهره لِأَن الله تَعَالَى رَقِيب عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت} الرَّعْد ٣٣ فَتكون أَنْت أَيهَا العَبْد تراقبه فِي سرائرك وعلانيتك وظاهرك وباطنك وحركاتك وسكناتك وَتعلم أَنه رَقِيب عَلَيْك وتستحي مِمَّن هُوَ مَعَك وَلَا تَسْتَحي مِمَّن هُوَ أقرب إِلَيْك من حَبل الوريد
وَقيل الْمَحْمُود من الدُّنْيَا الْمَسَاجِد والمحاريب وَذَلِكَ أَن شركاءك فِيهَا الْمَلَائِكَة والنبيون وَالصِّدِّيقُونَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا
والمذموم من الدُّنْيَا الْبَطن والفرج والكنيف والمزابل وشركاؤنا فِيهَا الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَالْمُشْرِكُونَ والزنادقة وَغَيرهم
فيدعوك الرب جلّ جَلَاله وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام} يُونُس ٢٥ الْآيَة
وتأبى أَنْت عَلَيْهِ فَيَقُول الله سُبْحَانَهُ يَا عَبدِي لَا تذنب فِي الدُّنْيَا رأفة مِنْهُ لعَبْدِهِ فَيَقُول العَبْد لَا بُد لي من الذُّنُوب فَيَقُول الرب جلّ جَلَاله عَبدِي فتب إِلَيّ أقبلك على مَا كَانَ مِنْك فَيَقُول العَبْد لَا أفعل لأنني مبتلي بالأهل والبطن والفرج فَيَقُول الرب جلّ جَلَاله عَبدِي فَكُن مَكَانك حَتَّى أوتيك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute