للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

صَار إِلَى قَبره وَخرج عَلَيْهِ نوع من عَذَاب ربه وَأَن أَعماله الصَّالِحَة كَانَت جُنُودا حوله فَلم يجد الْعَذَاب دونهَا مدخلًا إِلَيْهِ وَلَوْلَا قِيَامهَا حواليه لَكَانَ عَذَاب الله واصلا إِلَيْهِ فَلَو لم يكن بِطَاعَة الله عَاملا لم يَجْعَل الْمولى بَينه وَبَين عَذَابه حَائِلا وَمن لم يكن بَينه وَبَين النَّار حَائِل فالهلاك والخزق لَهُ حَاصِل وَالْعَذَاب والذل إِلَيْهِ وَاصل فَكل من زعم أَنه مُؤمن بِاللَّه عز وَجل وَرَسُوله وَكتابه وَلم يَجْعَل الْعَمَل الصَّالح وقاية بَينه وَبَين عَذَابه فقد تعرض لهلاكه وعقابه لِأَنَّهُ لم يَجْعَل حَائِلا بَينه وَبَين جسده وكل مَوضِع أَمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى باتقائه فِي كِتَابه فَإِنَّمَا هُوَ تحذير من عَذَابه

وأنشدوا

(الْمَوْت أهنأ للمطيع وَأصْلح ... وَالْمَوْت أطيب للتقي وأنجح)

(وَالْمَوْت أقرب للجنان طَريقَة ... وَالْعَبْد يُكرمهُ الْإِلَه ويمنح) (

٢٩١ - سُلَيْمَان وَملك الْمَوْت

ذكر فِي بعض الْأَخْبَار أَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسّلم دَعَا الله تَعَالَى وَسَأَلَهُ أَن يرِيه ملك الْمَوْت وَأَن يلْبسهُ من الْقُوَّة حَتَّى يكلمهُ فَبَيْنَمَا هُوَ قَاعد ذَات يَوْم على سَرِيره إِذْ خرج رجل من جنب السرير لَيْسَ يرَاهُ أحد إِلَّا سُلَيْمَان لم ير سُلَيْمَان قطّ أتم خلقا مِنْهُ فَقَالَ يَا عبد الله مَا أدْخلك دَاري قَالَ أدخلنيها رَبهَا أدخلني من هُوَ أملك لَهَا مِنْك ومني فَعلم عِنْد ذَلِك أَنه من مَلَائِكَة الله فَقَالَ لَهُ من أَنْت من مَلَائِكَة رَبِّي قَالَ أَنا ملك الْمَوْت قَالَ فَسَمِعُوا من كَلَامه جلبة فَصعِقَ سُلَيْمَان من خَوفه وَمن كَانَ مَعَه فِي الْبَيْت فَقَالَ ملك الْمَوْت يَا رب إِن عَبدك سُلَيْمَان وَنَبِيك سَأَلَك أَن تَأذن لي بِالدُّخُولِ عَلَيْهِ وَقد بلغ من خَوفه وَمن مَعَه مَا ترى فألبسه من الْقُوَّة مَا يُطيق النّظر إِلَيّ فَأوحى الله تَعَالَى إِلَى ملك الْمَوْت أَن ضع يدك فِي صدر سُلَيْمَان فَفعل فأفاق سُلَيْمَان وَمن مَعَه بِإِذن الله تَعَالَى قَالَ سُلَيْمَان يَا ملك الْمَوْت أَتَرَى خلق الله فِي السَّمَوَات والارض مثلك فَقَالَ ملك الْمَوْت يَا نَبِي الله وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِن رجْلي السَّاعَة على مَنْكِبي ملك وَذَلِكَ الْملك هُوَ الْمَوْت قد خرق قرناه السَّمَوَات السَّبع وارتفع فَوق ذَلِك مسيرَة ألف عَام وَرجلَاهُ قد جاوزا الثرى بِخَمْسِمِائَة عَام فاتحا فَاه رَافعا صَوته بالتهليل وَالتَّقْدِيس وَالتَّسْبِيح باسطا يَدَيْهِ لَو أذن الله لَهُ أَن يقبضهما إِلَى صَدره لضم السَّمَوَات وَمَا فِيهِنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ مَا خلا الْعَرْش وَأَن فَوْقه ملكا قَائِما قد أَدخل رجلَيْهِ تَحت مَنْكِبي هَذَا الْملك وَهَذَا من فَوْقه

<<  <   >  >>