لقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يكمل لِلْمُؤمنِ إيمَانه حَتَّى يرى أَن الَّذِي قَضَاهُ الله عَلَيْهِ أَو لَهُ خير لَهُ من الَّذِي أَرَادَ لنَفسِهِ) وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فِي قَضَاء الله تَعَالَى خيرا إِلَّا قَضَاء النَّار) وَإِذا قضى الله تبَارك وَتَعَالَى على عَبده بالنَّار فَهُوَ عَبده وَهُوَ خلقه لم يعنه أحد على خلقه وَلَا على رزقه وَهُوَ يفعل مَا يُرِيد لَا شريك لَهُ فِي ملكه
ثمَّ يُنَادي الْجَلِيل جلّ جَلَاله {يَا عباد لَا خوف عَلَيْكُم الْيَوْم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ} الزخرف ٦٩ فَإِذا سمع الْخلق هَذَا النداء رفعوا رؤوسهم وطمعوا كلهم فِي هَذَا النداء وَقَالُوا كلهم نَحن عباد الله ثمَّ يُنَادي ثَانِيَة {الَّذين آمنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسلمين} الزخرف فَعِنْدَ ذَلِك ينكس رَأسه كل من لم يكن مُسلما فَتبقى أهل الْأَدْيَان متحيرين ويفرح الْمُسلمُونَ ثمَّ يُنَادي ثَالِثَة {الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} يُونُس ٦٣ أَي كَانُوا يَتَّقُونَ الْكَبَائِر فينكس أهل الْكَبَائِر من أهل التَّوْحِيد رؤوسهم وَيرْفَع رؤوسهم سَائِر أهل التَّوْحِيد الَّذين اجتنبوا الْكَبَائِر وتابوا عَنْهَا تَوْبَة نصُوحًا
فَكيف بك يَا مغرور يَا مِسْكين قد ارتكبت الْكَبَائِر والصغائر وعصيت مَوْلَاك فِي الخفيات والظواهر وأيقنت أَنَّك مسئول يَوْم تبلى السرائر ولاق من الْعقُوبَة على ذَلِك الْحَظ الجزيل الوافر
وأنشدوا
(عصيت الله ألوان الْمعاصِي ... كَأَنِّي لست أوقن بِالْقصاصِ)
(فَمَالِي لَا أنوح على ذُنُوبِي ... وأبكي يَوْم يُؤْخَذ بالنواصي)
فاستعد للسؤال وتهيأ للجدال قَالَ الله الْكَبِير المتعال {يَوْم تَأتي كل نفس تجَادل عَن نَفسهَا وَتوفى كل نفس مَا عملت وهم لَا يظْلمُونَ} النَّحْل ١١١
١٥١ - السَّائِق والشهيد
فَإِذا سمع الْعباد النداء وَعلم كل عبد وَأمة مَنْزِلَته من جَمِيع أهل الْأَدْيَان نشرت الدَّوَاوِين وَوضعت الموازين وَجِيء بالنبيين ونصبت المنابر بالأنبياء وَالرسل فيجلس كل نَبِي على منبره وَأمته قد أحدقت بِهِ ونصبت الكراسي