يغْضب عَلَيْهِ مَوْلَاهُ وَيَقُول لَهُ عَبدِي حقر ذَنبه واستخف بحقي وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأعذبنه عَلَيْهِ بالنَّار وَمن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَغفر لَهُ بِالتَّوْبَةِ
وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إيَّاكُمْ ومحقرات الذُّنُوب فَإِن لَهَا من الله طَالبا) قَالَ الله سُبْحَانَهُ {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا وَمَا عملت} آل عمرَان ٣٠ الْآيَة
وأنشدوا
(قد ذهب الْحَيّ إِلَى عرسه ... وعذب الْمَيِّت فِي رمسه)
(مُرْتَهن النَّفس بأعمالها ... لَا يَأْمَن الْإِطْلَاق من حَبسه)
(لنَفسِهِ صَالح أَعمالهَا ... وَمَا سوى هَذَا على نَفسه) ١٦٥
حِكَايَة عَن أحد الصَّالِحين
حُكيَ أَن الْمَنْصُور بن عمار رَحمَه الله دخل على عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ عبد الْملك يَا مَنْصُور مَسْأَلَة
وَقد أمهلتك سنة كَامِلَة من أَعقل النَّاس وَمن أَجْهَل النَّاس قَالَ فَخرج مَنْصُور إِلَى بعض الفضاء من الْقصر ليخرج فَإِذا الْجَواب قد حَضَره فَرجع إِلَى عبد الْملك فَقَالَ لَهُ عبد الْملك يَا مَنْصُور مَا الَّذِي ردك إِلَيْنَا قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَعقل النَّاس محسن خَائِف وأجهل النَّاس مسيء آمن
فبكي أَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى بل ثِيَابه بدموعه ثمَّ قَالَ أَحْسَنت وَالله يَا مَنْصُور ثمَّ قَالَ لَهُ إقرأ عَليّ شَيْئا من كتاب الله فَهُوَ الشِّفَاء لما فِي الصُّدُور وَهُوَ الدَّوَاء والنور
فَقَرَأَ أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا} آل عمرَان ٣٠ الْآيَة
فَقَالَ عبد الْملك قتلتني يَا مَنْصُور ثمَّ غشي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قَالَ لَهُ يَا مَنْصُور مَا معنى {ويحذركم الله نَفسه} آل عمرَان ٣٠ قَالَ مَنْصُور عُقُوبَته يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَبكى عبد الملك ثمَّ أَفَاق فَبكى مرّة أُخْرَى ثمَّ قَالَ يَا مَنْصُور وَمَا معنى {رؤوف بالعباد} آل عمرَان ٣٠ قَالَ رَحِيم غفار لمن تَابَ وأناب قَالَ وَمَا وَمعنى {مَا عملت من خير محضرا} آل عمرَان ٣٠ قَالَ كل صَغِيرَة وكبيرة يجدهَا العَبْد يَوْم الْقِيَامَة لم يغْفر الله مِنْهَا شَيْئا
فَبكى عبد الْملك حَتَّى غشي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق قَالَ
١٦٦ - رقة عبد الْملك بن مَرْوَان
إِن وَالله من فكر فِي هَذِه الْآيَة وَعصى مَوْلَاهُ بعد ذَلِك لقد ضل ضلالا بَعيدا وأنشدوا