٥٤ - مَلَائِكَة السَّمَاء الثَّانِيَة
ثمَّ تنزل مَلَائِكَة السَّمَاء الثَّانِيَة وهم أَكثر عددا وَأعظم خلقا مِمَّن اجْتمع فِي الأَرْض سبعين ضعفا فتجزع مِنْهُم مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا وَجَمِيع من فِي الأَرْض فَيَقُولُونَ لَهُم لَا تجزعوا نَحن مشغولون بِأَنْفُسِنَا ونخاف مِمَّا تخافون مِنْهُ
فَلَا تزَال مَلَائِكَة كل سَمَاء تنزل ويجزع مِنْهُم جَمِيع من سبقهمْ وَيكون أهل كل سَمَاء أَكثر وَأعظم مِمَّن سبقهمْ سبعين ضعفا
وَكَأن أهل كل سَمَاء فِي صف وَاحِد على حِدة كل وَاحِد مِنْهُم قد شغل بِنَفسِهِ من عَظِيم مَا يرى وَمَا يَبْدُو لَهُ
وأنشدوا
(يَا غافلين أفيقوا قبل بعثكم ... وَقبل يُؤْخَذ بالأقدام واللم)
(وَالنَّاس أجمع طرا شاخصون غَدا ... لَا ينطقون بلابكم وَلَا صمم)
(والخلق قد شغلوا والحشر جامعهم ... وَالله طالبهم بِالْحلِّ وَالْحرم)
(وَقد تبدى لأهل الْجمع كلهم ... وعد الآله من التعذيب والنقم)
(وكل نفس لدي الْجَبَّار شاخصة ... لَا ينطقون بِلَا روح من الزحم)
٥٥ - الْجَبَابِرَة فِي الْحَشْر كالذر
رُوِيَ أَن الْجَبَابِرَة يحشرون يَوْم الْقِيَامَة على صُورَة الذَّر أَصْغَر النَّاس خلقَة لتجبرهم على الْعباد فِي الدُّنْيَا قد صَارَت الْعِزَّة للغني الحميد ولزمت الذلة كل جَبَّار عنيد وَشَيْطَان مُرِيد قد ترادفت عَلَيْهِم الهموم والأهوال وَظَهَرت لَهُم الْعُقُوبَات والأنكال وَنَدم كل مذنب بطال فَحِينَئِذٍ لَا حِيلَة لمحتال فِي يَوْم لَا بيع فِيهِ وَلَا خلال شعر
(مقَام المذنبين غَدا عسير ... إِذا مَا النَّار قربهَا الْقَدِير)
(وَقد نصب الصِّرَاط لكَي تجوزوا ... فَلَا ينجو الْكَبِير وَلَا الصَّغِير)
(وَقد نسفت جبال الأَرْض نسفا ... ويبست البحور فَلَا بحور)
(وبرزت الْجَحِيم لكل عبد ... على أهل الْمعَاد لَهَا زفير)
عباد الله تَفَكَّرُوا واعتبروا وابكوا وتباكوا
واستعدوا لليوم الثقيل والهول الْكَبِير والخطب الْجَلِيل وَالْعَذَاب الشَّديد الطَّوِيل
٥٦ - حَدِيث فِي أهوال يَوْم الْقِيَامَة
ذكر فِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي الْمُصْطَفى الْمُخْتَار صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله الأخيار