نَهَاره بالغيبة وقبح الْكَلَام وتغفلوا فِي ليله عَن طول الْقيام وتفطروا فِيهِ على السُّحت وَالْحرَام
وتصوموا بجارحة وَاحِدَة وتهملوا سَائِر جوارحكم فِي الْمعاصِي والآثام فَاتَّقُوا الله إِن الله عَزِيز ذُو انتقام
وأنشدوا
(أتعصي بعد شيب الراس جهلا ... كَمَا قد كنت تعصيه غُلَاما)
(أَرَاك من التهاون لَا تبالي ... وَلَا ترعي الصَّلَاة وَلَا الصياما)
(وتفرح بالفطور وَلَا تبالي ... حَلَالا كَانَ كسبك أم حَرَامًا)
عباد الله اغتنموا بركَة هَذَا الشَّهْر الْعَظِيم الْمَخْصُوص بالتفضيل والتكريم الَّذِي بلغنَا الله إِلَيْهِ فِي صِحَة من الْأَجْسَام وسلامة من عوارض الأسقام فَالْوَاجِب على من عرف قدر هَذِه النِّعْمَة الَّتِي سوغها وَفضل هَذِه الْأَيَّام الَّتِي بلغَهَا أَن يحفظها من التَّخْلِيط والالتباس وَأَن يكف أَذَاهُ عَن جَمِيع النَّاس وَأَن يحذر لَغْو الْكَلَام وَلَا يبطل فضل الصّيام عِنْد الْملك العلام
٣٦٢ - شدَّة الْعقُوبَة فِي رَمَضَان
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (من سرق فِي رَمَضَان أَو زنا أَو غصب أَو انتهك حَرَامًا أَو شرب خمرًا أَو تعدى ظلما لم يتَقَبَّل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا ولعنه هُوَ وَمَلَائِكَته إِلَى مثله من الْحول
فَكل من يُؤْذِي فِي رَمَضَان وَيظْلم على مثل مَا يقدم ويندم حَيْثُ لَا يَنْفَعهُ النَّدَم
فكم من صَائِم عَن الطَّعَام مفطر بالْكلَام دائب على الْقيام مؤذ للأنام فَهُوَ من لِسَانه وَفعله موزور وعَلى صِيَامه وقيامه غير مأجور
أَيْن من زاغ عَن الْهدى ودال على سَبِيل الردى بل أَيْن من رانت الذُّنُوب على قلبه وَلم يُبَادر بِالتَّوْبَةِ من ذَنبه وَلم يخف من عَذَاب ربه وَيحك يَا مِسْكين اغتنم شهر رَمَضَان المتضمن بِالرَّحْمَةِ والغفران وَانْظُر لنَفسك يَا مِسْكين قبل أَن تصل إِلَى حلقك السكين وانتبه من نومك يَا مغرور فَإِن رَبك كريم غَفُور
إِلَى أَي وَقت تعانق حوبتك
ولأي يَوْم تُؤخر توبتك إِلَى حول حَائِل أَو إِلَى عَام قَابل كلا وَالله مَا إِلَيْك الأقدار وَلَا بِيَدِك الْمِقْدَار لَعَلَّك إِذا انْقَضى عَنْك شهر الصَّوْم لم يبْق من عمرك إِلَّا يَوْم يَا هَذَا إِذا أَنْت صمت فلتصم جوارحك كلهَا بَطْنك من الْحَرَام وَلِسَانك من قبح الْكَلَام وبصرك ويدك وسمعك من الإجرام واكتساب الآثام