والخطوب وأسود وَجهه من ظلمات الذُّنُوب وَقد غضب عَلَيْهِ علام الغيوب وَرَأى الَّذين تَابُوا من أخوانه وَأَهله وَأَصْحَابه وجيرانه قد فازوا بِالْملكِ الْكَبِير والحساب الْيَسِير ولباس السندس وَالْحَرِير وَالنَّظَر إِلَى وَجه السَّمِيع الْبَصِير وَرَأى نَفسه قد خسر وخاب وَحرم الثَّوَاب ونوقش الْحساب وحجب عَن رب الأرباب وَصَارَ إِلَى أَلِيم الْعَذَاب يود لَو كَانَ تَائِبًا وَلم يكن من الرَّحْمَة خائبا يود لَو كَانَ السوء عَنهُ بَعيدا وَلم يكن حَاضرا عتيدا وَلم يكن الْعَذَاب عَلَيْهِ شَدِيدا
يود لَو كَانَ من التائبين وَلم يكن من المحرومين يود لَو كَانَ من الْآمنينَ وَلم يكن من الْمُخَالفين يود لَو كَانَ من الطائعين وَلم يكن من العاصين يود لَو كَانَ من الْمُحْسِنِينَ وَلم يكن من الظَّالِمين يود لَو كَانَ من أهل الْجنان وَلم يكن من أهل النيرَان يود لَو كَانَ من أهل الثَّوَاب وَلم يكن من أهل الْعقَاب يود لَو كَانَ من أهل النَّعيم وَلم يكن من أهل الْجَحِيم يود لَو كَانَ من الْأَوْلِيَاء وَلم يكن من الأشقياء
يود لَو كَانَ من أهل الْوِفَاق وَلم يكن من أهل النِّفَاق
يود لَو كَانَ من أهل الْفَوْز بِالْجنَّةِ وَلم يكن من أهل الْعَذَاب والمحنة
يود لَو كَانَ سعيدا رشيدا وَلم يكن عَن الله بَعيدا
لَا أبعدنا الله وَإِيَّاكُم من رَحمته وقربنا وَإِيَّاكُم بالفوز لجنته
١٦٢ - عمل العَبْد يلازمه
ذكر فِي بعض الْأَخْبَار أَن العَبْد إِذا مَاتَ أحضر عمله كُله عِنْد رَأسه حِين يغسل خيرا كَانَ أَو شرا فَإِذا صلى عَلَيْهِ وَمضى إِلَى قَبره وَانْصَرف النَّاس عَنهُ بَقِي عمله مَعَه فِي قَبره وَلَا يزَال مَعَه فِي قَبره إِلَى يَوْم يخرج من قَبره فَإِذا خرج خرج مَعَه فَإِذا قدم إِلَى الْحساب اجْتمع عمله كُله خَيره وشره حَتَّى حركاته وأنفاسه ووفاقه وخلافه يجد الْكل مجموعا لم ينس مِنْهُ شَيْء من الْكَبَائِر وَلَا من الصَّغَائِر وَلَا من الظَّوَاهِر وَلَا من السرائر
١٦٣ - الحض على التَّوْبَة
فَالله الله معشر المذنبين مثلي أبعدوا عَن عمل السوء بِالتَّوْبَةِ إِلَى الرَّحْمَن وَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غرور الشَّيْطَان وَاعْلَمُوا أَن الله تبَارك وَتَعَالَى يمحو عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ بترك الذُّنُوب والعزم على التَّوْبَة ويرحمكم يَوْم الْحساب بِحسن