قَالَ الله تَعَالَى {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا وَمَا عملت من سوء تود لَو أَن بَينهَا وَبَينه أمدا بَعيدا ويحذركم الله نَفسه وَالله رؤوف بالعباد} آل عمرَان ٣٠ رؤوف وَالله بِالْمُؤْمِنِينَ ذُو نقمة على الظَّالِمين رؤوف بِأَهْل الْإِحْسَان وَذُو انتقام من أهل الْعِصْيَان رؤوف بِأَهْل السداد وَذُو انتقام من أهل العناد يَا مغرور تفكر فِي هَذِه الْآيَة فلك فِيهَا من التخويف غَايَة وَمن الزّجر والتقريع نِهَايَة فازجر نَفسك عَن هَواهَا عساك تبلغها يَوْم الْعرض مناها
١٧٥ - حِكَايَة عَن ذِي النُّون الْمصْرِيّ
حُكيَ عَن ذِي النُّون الْمصْرِيّ بن إِبْرَاهِيم الأخميمي رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ أَنه قَالَ خرجت مرّة من المرات إِلَى نَاحيَة الْأُرْدُن من أَرض الشَّام فَلَمَّا عَلَوْت الْوَادي فَإِذا أَنا بسواد قد اقبل وَهُوَ يَقُول {وبدا لَهُم من الله مَا لم يَكُونُوا يحتسبون} الزمر ٤٧ فَلَمَّا قرب مني السوَاد إِذا هُوَ شخص فتأملته فَإِذا هُوَ امْرَأَة عَلَيْهَا جُبَّة صوف وخمار من صوف وبيدها ركوة وبيدها الْأُخْرَى عكاز فَقَالَت لي غير فازعة مني من أَنْت فَقلت لَهَا رجل غَرِيب فَقَالَت يَا هَذَا وَهل يُوجد مَعَ الله غربَة وَهُوَ مؤنس الغرباء ومعين الضُّعَفَاء فاجعله أنيسك إِذا استوحشت وهاديك إِذا ضللت وَصَاحِبك إِذا احتجت
قَالَ ذُو النُّون فَبَكَيْت من كَلَامهَا فَقَالَت مِم بكاؤك قلت لَهَا وَقع دواؤك على دائي وَأَنا أَرْجُو أَن يكون سَببا لشفائي قَالَت فَإِن كنت صَادِقا فِي مَقَالَتك فَلم بَكَيْت قلت لَهَا رَحِمك الله والصادق لَا يبكي قَالَت لَا قلت لَهَا لم لَا يبكي الصَّادِق قلت لِأَن الْبكاء رَاحَة الْقلب وملجأ يلجأ إِلَيْهِ وَمَا كتم الْقلب أحر من الزَّفِير والشهيق وَذَلِكَ ضَعِيف عِنْد أوليائه قَالَ ذُو النُّون فَبَقيت وَالله مُتَعَجِّبا من قَوْلهَا فَقَالَت لي مَالك قلت أَنا وَالله متعجب من قَوْلك قَالَت وَهل نسيت القرحة الَّتِي ذكرتها قَالَ