الْقِيَامَة أنتن من الْجِيَف يتَأَذَّى بِهِ أهل الْجمع ثمَّ يُؤمر بِهِ إِلَى النَّار فَإِذا دخل النَّار أَمر بِهِ فَأدْخل تَابُوت من نَار فيسمر عَلَيْهِ مسامير فَوق صَفَائِح التابوت حَتَّى يشد فِي تِلْكَ المسامير فَلَو وضع مَا على عرق من عروقه من الآلام والأوجاع على أَرْبَعمِائَة ألف أمة لماتوا جَمِيعًا وَهُوَ أَشد من فِي النَّار عذَابا
وَمن تَابَ وَرجع فِي حَيَاته فَإِن الله يغْفر لَهُ وَلَا يسْأَله عَن ذَلِك بعد وَفَاته
فَهَذَا صِيَام الْجَوَارِح وَهُوَ فرض على كل مُسلم أَبَد الدَّهْر فِي رَمَضَان وَفِي غَيره
فَالله الله عباد الله صُومُوا جوارحكم عَن الْمُنْكَرَات واستعملوها فِي الطَّاعَات تفوزوا بنعيم الْأَبَد فِي قَرَار الجنات والتمتع بِالنّظرِ إِلَى جَبَّار الأَرْض وَالسَّمَوَات
٣٤٩ - الصَّوْم الشَّرْعِيّ
وَالصَّوْم الشَّرْعِيّ هُوَ الْإِمْسَاك عَن الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع بنية من قبل الْفجْر وَيجوز صَوْم رَمَضَان بنية فِي أَوله
فَهَذَا حد الصّيام فِي اللُّغَة والشريعة
قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} الْبَقَرَة ١٨٣ فِيهِ أَقْوَال كَثِيرَة وأصحها إِن الْمَعْنى فرض عَلَيْكُم الصّيام كَمَا فرض على الْأُمَم الْمَاضِيَة الَّتِي سلفت من قبلكُمْ قَالَ مُجَاهِد هم أهل الْكتاب
رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} الْبَقَرَة ١٨٣ أَنه كَانَ كتب عَلَيْهِم إِذا نَام أحدهم قبل الْأكل وَلم يطعم شَيْئا إِلَى اللَّيْلَة الْمُقبلَة وَحرم عَلَيْهِم أَن يقربُوا النِّسَاء تِلْكَ اللَّيْلَة وَرخّص الله تَعَالَى فِي ذَلِك لهَذِهِ الْأمة
وَقيل إِشَارَة الله تَعَالَى بقوله {كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} الْبَقَرَة ١٨٣ إِلَى الْأُمَم الخالية وَهَذِه الْآيَة مدح لأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن مَا من أمة وَلَا نَبِي إِلَّا وَقد فرض الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى أمته صِيَام شهر رَمَضَان فآمنت بِهِ هَذِه الْأمة وكفرت بِهِ سَائِر الْأُمَم
وَقيل إِشَارَة الله تَعَالَى بِهَذَا إِلَى النَّصَارَى وَكَانُوا قد فرض عَلَيْهِم إِذا نَام أحدهم من بعد غرُوب الشَّمْس حرم عَلَيْهِ الطَّعَام وَالشرَاب وَكَانَ وَطْء النِّسَاء عَلَيْهِم حرَام حَتَّى بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَحْمَة لهَذِهِ الْأمة وَفرض عَلَيْهِم شهر رَمَضَان فَبَقيَ الْأَمر على تَحْرِيم الطَّعَام وَالشرَاب بعد النّوم وَكَذَلِكَ تَحْرِيم وَطْء النِّسَاء حَتَّى وَقع