(بَكَيْت على عظم الذُّنُوب وغزرها ... وَمَا قل من يبكي لعظم سُؤَاله)
(تفكر فِي عظم السُّؤَال وهوله ... وتندب دهرا زَاد قبح فعالة)
(لَعَلَّ إِلَه الْعَرْش يرحم عَبده ... ويمنحه فِي الْحَشْر طول وصاله)
(وَيغْفر مَا قد كَانَ فِي طول جَهله ... ويسكنه بِالْعَفو دَار جَلَاله)
(وَإِن نظر الرب الْعَظِيم جَلَاله ... فَذَاك جسيم من جزيل نواله)
{تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا} آل عمرَان ٣٠ تَجِد وَالله كل نفس مَا قدمت فِي الْأَيَّام من الطَّاعَات والإجرام
ذَلِك يَوْم المصائب وَيَوْم النوائب وَيَوْم الْعَجَائِب
يَوْم هتك الأستار يَوْم تسعر فِيهِ النَّار يَوْم يفوز فِيهِ الْأَبْرَار ويندم فِيهِ الْفجار وَتعرض الْعباد على الْوَاحِد القهار
فالعجب كل الْعجب مِمَّن قطع عمره فِي الأغفال وضيع أَيَّامه فِي الْمحَال وأفنى شبابه فِي الضلال وَلم يعْمل بِمَا فِي كتاب ذِي الْمجد والجلال قَالَ الله الْكَبِير المتعال {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا} آل عمرَان ٣٠ يَقُول الله تَعَالَى يَا ابْن آدم تطلب موعظة سَاعَة وتقيم على الذَّنب سنة وأنشدوا
(مَا بَال قَلْبك باللذات قد شغفا ... وَعَن فَوَات صَوَاب الْفِعْل مَا أسفا)
(وَقد توعده الْجَبَّار خالقنا ... وبالذنوب وبالعصيان قد كلفا)
١٦٧ - توبيخ الله تَعَالَى للعباد
ذكر فِي بعض الْأَخْبَار أَن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول فِي بعض كتبه الْمنزلَة على أنبيائه يَا عَبدِي مَا الَّذِي زهدك فِي ورغبك فِي غَيْرِي عَبدِي أَنا أَتَقَرَّب إِلَيْك وتهرب عني وأطلبك وتفر مني عَبدِي بسطت لَك غرور الدُّنْيَا فاشتغلت بهَا عني وآثرتها عَليّ وزهدت فِي سَعَة رَحْمَتي أهكذا يفعل المطيعون بأربابهم الْمُحْسِنِينَ إِلَيْهِم عَبدِي من الَّذِي سترك وكلاءك وحفظك ووقاك هَل كَانَت لَك شركَة فِي نَفسك معي أم هَل كَانَت لَك قُوَّة بِنَفْسِك عَليّ عَبدِي مَا الَّذِي قصرك عَن عبادتي مَا الَّذِي زهدك فِي طَاعَتي أَيْن أَنْت من هَادِم اللَّذَّات أَيْن أَنْت من نواح الْآبَاء والأمهات أَيْن أَنْت من المفرق بَين الْبَنِينَ وَالْبَنَات أَيْن أَنْت مِمَّن لَا يسْتَأْذن على أَصْحَاب الْقُصُور وَلَا يستأمر أَرْبَاب الدّور أَيْن أَنْت من قاصم الجبارين الْمُوكل بأرواح المخلوقين عبَادي أَلَيْسَ قد اضمحلت آثَار الماضين ودرست