الْمَنْفَعَة وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله لم يَجْعَل شِفَاء أمتِي فِيمَا حرم عَلَيْهَا) فَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَنهم كَانُوا يتبايعونها من الشَّام بِالثّمن الْيَسِير ويبيعونها بالحجاز بِالثّمن الْكثير وَكَانَت الْمَنَافِع الَّتِي فِيهَا من الأرباح
وَكَذَلِكَ قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {قل فيهمَا إِثْم كَبِير} الْبَقَرَة ٢١٩ فَانْتهى عَن شربهَا قوم وَبَقِي قوم على شربهَا حَتَّى دَعَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ قوما فأطعمهم وسقاهم الْخمر حَتَّى سَكِرُوا فَلَمَّا حضر وَقت الصَّلَاة قدمُوا رجلا مِنْهُم يُصَلِّي بهم
٣٨٣ - ابْن أبي جَعونَة وَالْخمر
وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا رجل يُقَال لَهُ أَبُو بكر بن أبي جَعونَة وَكَانَ حَلِيف الْأَنْصَار فَقَرَأَ فَتْحة الْكتاب وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ فَمن أجل سكره خلط فَقَرَأَ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ أعبد مَا تَعْبدُونَ وخلط أول السُّورَة بخاتمتها حَتَّى ختم السُّورَة على ذَلِك فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشق عَلَيْهِ ذَلِك
فَأنْزل الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} النِّسَاء ٤٣ فَكَانُوا يشربونها بعد صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة ثمَّ ينامون ثمَّ يقومُونَ عِنْد صَلَاة الْفجْر فيصحون مِنْهَا ثمَّ يشربونها بعد صَلَاة الصُّبْح فيصحون مِنْهَا عِنْد صَلَاة الظّهْر ثمَّ لَا يشربون بعد ذَلِك حَتَّى يصلونَ الْعشَاء الْآخِرَة
٣٨٤ - سعد بن أبي وَقاص وَالْخمر
حَتَّى دَعَا سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ رجلا لوليمة عَملهَا على رَأس جزور فَدَعَا أُنَاسًا من الْمُهَاجِرين فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا الْخمر حَتَّى سَكِرُوا مِنْهَا فافتخروا فَعمد رجل من الْأَنْصَار إِلَى أحد لحيى الْجَزُور فَضرب بِهِ أنف سعد ففزه فجَاء مستعديا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون} الْمَائِدَة ٩٠ الْآيَة فَاخْتلف الْعلمَاء من أهل التَّفْسِير فِي مَوضِع التَّحْرِيم هَل وَقع فِي قَوْله تَعَالَى {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} الْمَائِدَة ٩١ أَو فِي غير هَذَا الْموضع
وَقَالَ قوم من الْمُفَسّرين إِن التَّحْرِيم وَقع فِي قَوْله تَعَالَى {فَاجْتَنبُوهُ} الْمَائِدَة ٩٠ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْهُم بل وَقع فِي قَوْله تَعَالَى {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} الْمَائِدَة ٩١ وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بقوله تَعَالَى فِي سُورَة الْفرْقَان فِي قَوْله تَعَالَى (أَتَصْبِرُونَ) الْفرْقَان ٢ وَالْمعْنَى اصْبِرُوا وَكَذَلِكَ فِي الشُّعَرَاء {قوم فِرْعَوْن أَلا يَتَّقُونَ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute